نكاح المتعة

بحث النكاح 2

أبواب نكاح المتعة

 

وقد تقدم ما يتعلق بالصيغة والمحل – من الكفر والإيمان والكفاءة والزنا والبكرية – ويقي الكلام في موارد يستقل بها نكاح المتعة، منها:

من أحكام الأجل:

انقلاب عقد المتعة دائما عند ترك ذكر الأجل

قال المحدث المبرور في الحدائق:

” قد اتفقت هذه الأخبار في الدلالة على صحة ما ذكره الأصحاب من اشتراط الأجل في صحة عقد المتعة، و قضية ذلك بطلان العقد لو خلا منه، كما هو ظاهر جملة من الأصحاب و مذهب العلامة و والده و ولده و جمع من الأصحاب منهم شيخنا في المسالك و سبطه السيد السند في شرح النافع.

و قيل بأنه ينقلب العقد دائما و هو المشهور … و قيل: و هو اختيار ابن إدريس-: إنه إن كان الإيجاب بلفظ التزويج أو النكاح انقلب دائما، و إن كان بلفظ التمتع بطل العقد … و نقل هنا أيضا قول رابع و هو التفصيل بأنه إن وقع الإخلال بالأجل على وجه النسيان أو الجهل بطل، و إن وقع عمدا انقلب دائما “[1].

ترك التصريح بالأجل عمدا:

ترك التصريح بالأجل سهوا:

هل تعارض قاعدة العقود بالقصود الروايات ؟ :

 

ما استدل به على الانقلاب:

الأولى: معتبرة أبان ابن تغلب:

ما رواه الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: ” قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ أَقُولُ لَهَا إِذَا خَلَوْتُ بِهَا ؟ قَالَ: تَقُولُ أَتَزَوَّجُكِ مُتْعَةً عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ص لَا وَارِثَةً وَ لَا مَوْرُوثَةً كَذَا وَ كَذَا يَوْماً وَ إِنْ شِئْتَ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً بِكَذَا وَ كَذَا دِرْهَماً وَ تُسَمِّي مِنَ الْأَجْرِ مَا تَرَاضَيْتُمَا عَلَيْهِ قَلِيلًا كَانَ أَمْ كَثِيراً، فَإِذَا قَالَتْ: نَعَمْ فَقَدْ رَضِيَتْ فَهِيَ امْرَأَتُكَ وَ أَنْتَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، قُلْتُ فَإِنِّي أَسْتَحْيِي أَنْ أَذْكُرَ شَرْطَ الْأَيَّامِ، قَالَ: هُوَ أَضَرُّ عَلَيْكَ، قُلْتُ: وَ كَيْفَ ؟ قَالَ: إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَشْتَرِطْ كَانَ تَزْوِيجَ مُقَامٍ وَ لَزِمَتْكَ النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ وَ كَانَتْ وَارِثَةً وَ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَهَا إِلَّا طَلَاقَ السُّنَّةِ “[2].

وهي معتبرة حتى مع وجود إبراهيم بن الفضل الذي لم يوثق ولم يغمز فيه؛ فإن من رووا عنه من أمثال الثقة الزاهد جعفر بن بشير البجلي الوشاء وعمرو بن عثمان الذي قال النجاشي فيه: أنه ” نقي الحديث صحيح الحكايات‏ “[3]، إضافة لتعدد طرق الخبر.

لكنها قاصرة عن إثبات الانقلاب بمجرد ترك ذكر الأجل؛ فإن قوله: ” قُلْتُ: فَإِنِّي أَسْتَحْيِي أَنْ أَذْكُرَ شَرْطَ الْأَيَّامِ، قَالَ: هُوَ أَضَرُّ عَلَيْكَ ” الحديث، صريح في أن الحياء منعه عن الاشتراط المفهم للقصد الذي يؤاخذ به المتكلم في العقود، وقد أوقع اللفظ المطلق عن اختيار منه.

المستفاد من رواية ( إنما يحل الكلام ويحرم الكلام ):

وعلى هذه المؤاخذة دل الصحيح في الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَجَّاجِ‏، قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الرَّجُلُ يَجِي‏ءُ، فَيَقُولُ‏: اشْتَرِ هذَا الثَّوْبَ وَ أُرْبِحَكَ كَذَا وَ كَذَا. فَقَالَ: «أَ لَيْسَ إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَ إِنْ شَاءَ تَرَكَ ؟» قُلْتُ: بَلى‏، قَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يُحَلِّلُ‏ الْكَلَامُ، وَ يُحَرِّمُ الْكَلَامُ».[4]

أورده في باب ( الرجل يبيع ما ليس عنده )، وهي بمفاد صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج إن لم تكن متحدة معها، رواها في نفس الباب قال: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الرَّجُلُ يَجِيئُنِي‏ يَطْلُبُ‏ الْمَتَاعَ، فَأُقَاوِلُهُ‏ عَلَى الرِّبْحِ، ثُمَّ أَشْتَرِيهِ، فَأَبِيعُهُ مِنْهُ.

فَقَالَ: «أَ لَيْسَ إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَ إِنْ شَاءَ تَرَكَ؟» قُلْتُ: بَلى‏، قَالَ: «لَا بَأْسَ‏ بِهِ».

قُلْتُ: فَإِنَ‏ مَنْ عِنْدَنَا يُفْسِدُهُ، قَالَ: «وَ لِمَ؟» قُلْتُ‏: بَاعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ.

قَالَ: «فَمَا يَقُولُ فِي السَّلَمِ قَدْ بَاعَ صَاحِبُهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ؟» قُلْتُ‏: بَلى‏، قَالَ:

«فَإِنَّمَا صَلَحَ مِنْ أَجْلِ‏ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَهُ سَلَماً، إِنَّ أَبِي كَانَ يَقُولُ: لَابَأْسَ بِبَيْعِ كُلِّ مَتَاعٍ كُنْتَ تَجِدُهُ‏[5] فِي الْوَقْتِ الَّذِي بِعْتَهُ فِيهِ».[6]

وبمفادها صحيحة سليمان بن خالد ونحوها الحلبي: ” عَنِ الرَّجُلِ يَزْرَعُ أَرْضَ آخَرَ فَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ لِلْبَذْرِ ثُلُثاً وَ لِلْبَقَرِ ثُلُثاً، قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَ بَذْراً وَ لَا بَقَراً؛ فَإِنَّمَا يُحَرِّمُ الْكَلَام‏ “[7].

وجمعهما تزيح الإبهام؛ فيكون المراد من التحليل والتحريم بالكلام أن ما هو حجة على الطرفين وكاشف عن قصدهما هو الذي يؤخذان بلوازمه من ظاهر اللفظ المبرز للقصد -ولا تدل الرواية على لزوم اللفظ بالمعاوضات لأنها ليست في هذا المقام- فالمقاولة والتفاوض قبل العقد دون عقد القلب ثم اللفظ على لزومه وشروطه لا يوجب شيئا، كما أن إبراز الكاشف عن القصد هو المؤثر في التبعات.

ومثله عقد النكاح، فالشروط والقيود المأخوذة في ظاهر اللفظ والمبرز الصريح هي التي يلتزم بها الطرفان الموجب والقابل.

[ لوازم العقود تابعة للكاشف عنها لا للقصد المجرد ]

إذا عرفت هذا، فالمتحصل من معتبرة أبان بن تغلب؛ أن الذي يقع عليه العقد من اللوازم هو ما يبرزه الطرفان عن اختيارهم، فإن أظهر باللفظ النكاح البتي وقع دائما، وهذه حقيقة العقود كلها، لا تناط بالقصود المجردة عن الألفاظ؛ لأنه من الأمور الباطنية التي لا يمكن محاكمتها وإقامة البينة عليها أو إجابتها، ولهذا الحكم أثر هام في مسائل كثيرة، فليس هناك شيء يسمى انقلاب عقد من المتعة إلى الغبطة والدوام؛ لأن حقيقة العقد بالقصد والمبرز له، والآثار تابعة للظاهر من الثاني، بل حقيقة عقد النكاح هو اللفظ الدال على إيجابه المستتبع للقبول، وأما الانقطاع فمدلول للشرط.

[ حكم تعمد عدم ذكر الأجل ]

وهل يجوز له أن يقصد النكاح المؤقت ويأتي متعمدا بالدائم دون قيد الأجل ؟، ظاهر الرواية ومقتضى تعريف العقد هو الجواز والصحة ويقع على ما صرح به من الدوام؛ لأنه علله في المعتبرة بالإرشاد إلى الضرر ولم ينه عنه أو يحرمه، فقال ع: ” هُوَ أَضَرُّ عَلَيْكَ “، كما أن القصد لم يقع على حقيقة نوعية أخرى؛ فنكاح المتعة والدوام من جنس الاستمتاعات والمنافع، وافتراقهما بالشرط، فهو كأي عقد أخلي من شرطه يقع مطلق المعنى، ويدل عليه موثق عبد الله بن بكير الآتي.

[ نسيان التصريح بالشرط ]

ولو غفلا عن التصريح بالشرط مع العلم به قبل العقد، في التفاوض والمقاولة أو الإعلام قبله، وجب تكليفا الالتزام بما كان يفترض وقوعه قبل الغفلة، ووجب وضعا تجديد لفظ العقد أو الكاشف الصريح عنه دفعا للوازمه التي تترتب على الدائم دون المنقطع؛ لأن الكواشف اللفظية الصريحة وجوبها طريقي يبين القصد لا موضوعي، كما بيناه في مبحث الصيغة في العقد الدائم، إلا أن الأثر يظهر عند الاختلاف؛ فإنه كما بين عليه السلام، مما يمكن للمرأة أن تنكره على الرجل فتدعي الدوام، وليس للرجل بينة عليه؛ للأخذ بظاهر اللفظ عند العقد، وكذا بالنسبة للمرأة لو ادعى الدوام وأنكرت، فالأصل معه.

الثانية: موثقة عبد الله بن بكير:

محمد بن يعقوب عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ:

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ قَبْلَ النِّكَاحِ، هَدَمَهُ النِّكَاحُ؛ وَ مَا كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ، فَهُوَ جَائِزٌ[8]».

وَ قَالَ: «إِنْ سُمِّيَ الْأَجَلُ‏ فَهُوَ مُتْعَةٌ، وَ إِنْ لَمْ يُسَمَّ الْأَجَلُ فَهُوَ نِكَاحٌ‏ بَاتٌ».[9]

وفي نوادر الأشعري عن ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: ” قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع:‏ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ قَبْلَ‏ النِّكَاحِ‏ هَدَمَهُ النِّكَاحُ وَ مَا كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ فَهُوَ نِكَاح‏ “[10].

وهي ما رواه الكليني بلسان آخر عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ:

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا اشْتَرَطْتَ عَلَى الْمَرْأَةِ شُرُوطَ الْمُتْعَةِ، فَرَضِيَتْ بِهِ، وَ أَوْجَبَتِ‏ التَّزْوِيجَ‏، فَارْدُدْ عَلَيْهَا شَرْطَكَ الْأَوَّلَ بَعْدَ النِّكَاحِ، فَإِنْ أَجَازَتْهُ فَقَدْ جَازَ، وَ إِنْ لَمْ تُجِزْهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهَا مَا كَانَ مِنَ الشَّرْطِ قَبْلَ النِّكَاحِ».

والمراد إلحاق الشرط بعقد النكاح وتقييده به؛ لأنه عقد مشروط يجب التصريح بشرطه.

وصريح الموثق أن الشروط اللازمة هي ما يقع عليه اللفظ ويسمى في العقد، ثم يقع عليها القبول، لا ما يسبقه من التفاوض والمقاولة واشتراط الزوجة أو الزوج قبل العقد.

وهي لا تدل على ما ذكر من الانقلاب؛ بل مبينة للمائز بين النكاحين بوجود الشرط في المتعة وإطلاقه في الدائم.

الثالثة: رواية هشام بن سالم الجواليقي:

محمد بن الحسن الطوسي عن مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ الْجَوَالِيقِيِّ قَالَ: ” قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع: أَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ مُتْعَةً مَرَّةً مُبْهَمَةً ؟، قَالَ: فَقَالَ: ذَلِكَ أَشَدُّ عَلَيْكَ؛ تَرِثُهَا وَ تَرِثُكَ وَ لَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تُطَلِّقَهَا إِلَّا عَلَى طُهْرٍ وَ شَاهِدَيْنِ، قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَكَيْفَ أَتَزَوَّجُهَا ؟ قَالَ: أَيَّاماً مَعْدُودَةً بِشَيْ‏ءٍ مُسَمًّى مِقْدَارَ مَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ، فَإِذَا مَضَتْ أَيَّامُهَا كَانَ طَلَاقُهَا فِي شَرْطِهَا وَ لَا نَفَقَةَ وَ لَا عِدَّةَ لَهَا عَلَيْكَ، قُلْتُ: مَا أَقُولُ لَهَا ؟ قَالَ: تَقُولُ لَهَا: أَتَزَوَّجُكِ‏ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ وَ اللَّهُ وَلِيِّي وَ وَلِيُّكِ كَذَا وَ كَذَا شَهْراً بِكَذَا وَ كَذَا دِرْهَماً عَلَى أَنَّ اللَّهَ لِي عَلَيْكِ كَفِيلًا لَتَفِيِنَّ لِي وَ لَا أَقْسِمُ لَكِ وَ لَا أَطْلُبُ وَلَدَكِ وَ لَا عِدَّةَ لَكِ عَلَيَّ، فَإِذَا مَضَى شَرْطُكِ فَلَا تَتَزَوَّجِي حَتَّى يَمْضِيَ لَكِ خَمْسٌ وَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً، وَ إِنْ حَدَثَ بِكِ وَلَدٌ فَأَعْلِمِينِي “[11].

موسى بن سعدان الحناط ضعيف في الحديث عن النجاشي، وعبد الله بن القاسم الحارثي الملقب بالبطل كذاب غال.

والرواية مؤيدة للمعتبرة والموثقة السابقتين، وتقريب دلالتها هو بعينه ما مر في معتبرة أبان بن تغلب.

فتحصل:

أن أدلة المسألة الثلاث السابقة مضافة إلى قواعد الصحة واللزوم في العقود، خالية عن معنى الانقلاب، فحقيقة العقد ولوازمه ناتجة عن القصد المبرز بالكاشف الصريح عنه، وأقوى تلك الكواشف هو اللفظ، فإن أبرز قصده مطلقا وقع مطلقا ولا يبطل، وإن قيده وقع مقيدا، وإن وقع منه أو منها الغفلة عن الشرط وجب تجديده ليؤدي ما قصد، أما اللوازم عند المخاصمة فتابعة لظاهر ما تعاقدا عليه من الألفاظ المنطوقة أو المكتوبة وما يقتضيه الأصل في كل حاله.

فرع: لو اختلف الزوجان بعد اتفاقهما على وقوع العقد فادعى أحدهما أنه متعة‌ فالقول قول المنكر للمتعة

ولو اختلفا ولم يقيما بينة، فالأصل مع منكر الشرط وهو المتعة، وتطلب بينة المدعي لدعواه الزيادة على العقد بالشرط، فإن لم يقمها استحلف المنكر والقول قوله، وتؤيده الأخبار؛ لاتفاقهما على عقد ما، غير مختلفين في الحقيقة إلا من جهة الشرط الزائد، ولا دليل على التبيان العقدي الحقيقي بينهما والأخبار خالية عنه بل ظاهرة في الوحدة وأنهما متعة واحدة غير مشروطة والأخرى مشروطة.

ضبط الأجل:

” لا بد من اعتبار ضبط الأجل على وجه يكون محروسا من احتمال الزيادة و النقصان كقدوم المسافر و إدراك الثمرة كغيره من الآجال “[12].

وليس لقلته حد ولا لكثرته ولا لعدده ولا لضبطه من جهة الفعل كمرة أو مرتين، ولو علقه على مجهول أو مبهم من الزمان لم ينعقد دائما ولا متعة؛ لتقوم العقد بالشرط.

وهل أن بطلان الشرط يبطل العقد ؟، ليس على إطلاقه؛ فالشرط الذي يقع عليه القصد ويبرز في العقد إما أن يكون مقوما له؛ كأن يكون معينا لنوع من جنس العوض مقوما له كالمتعة، أو محققا لأحد الأركان كالعوض المؤجل فلا يجوز تعليقه على مجهول أو مبهم غير معين أو معلوم ، فيُبطل تخلُّفُ الشرط أو إبهام حدوده العقدَ، أو يكون زائدا زيادة الصفة والعرض على العين كشاة سمينة وسيارة بيضاء، فيقابل بالنقيصة في الثمن.

ويدل عليه ما رواه الكليني عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ:

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ‏ مُتْعَةً سَنَةً، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ؟

قَالَ: «إِذَا كَانَ شَيْئاً مَعْلُوماً إِلى‏ أَجَلٍ مَعْلُومٍ».

قَالَ: قُلْتُ: وَ تَبِينُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ».[13]

تحديد الأجل بالمرة من الجماع والمرتين:

ومما وقع من غريب ألفاظ الأخبار:

موثق زاراة:

ما رواه الكليني عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ:

قُلْتُ لَهُ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَتَّعَ الرَّجُلُ مِنَ الْمَرْأَةِ سَاعَةً، أَوْ سَاعَتَيْنِ؟

فَقَالَ: «السَّاعَةُ وَ السَّاعَتَانِ‏ لَايُوقَفُ عَلى‏ حَدِّهِمَا، وَ لَكِنَّ الْعَرْدَ وَ الْعَرْدَيْنِ، وَ الْيَوْمَ وَ الْيَوْمَيْنِ وَ اللَّيْلَةَ وَ أَشْبَاهَ ذلِكَ»[14].

ورواه الشيخ بنفس الإسناد لكنه في نسخة ( الخرسان ) المطبوعة قال: ” فَقَالَ: السَّاعَةَ وَ السَّاعَتَيْنِ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى حَدِّهِمَا وَ لَكِنَّ الْعَوْدَ وَ الْعَوْدَيْنِ وَ الْيَوْمَ وَ الْيَوْمَيْنِ وَ اللَّيْلَةَ وَ أَشْبَاهَ ذَلِكَ “[15].

قوله ع: ” الساعة والساعتان ” ، بمعنى الزمان وهو مبهم في عرف أكثر من كان قبلنا، وجاء في بعض الأخبار تقسيم اليوم لأربع وعشرين ساعة، لكنه على النحو الحسابي لا الاستعمالي بين عامة الناس، قال المحقّق الشعراني في هامش الوافي: ” قوله: ساعة أو ساعتين، الساعة في اللغة غير محدودة، و معناه مدّة قليلة من الزمان، و أمّا المحدود في اصطلاح أهل النجوم، و هو المعروف في زماننا؛ أعني جزء من أربعة و عشرين جزء من اليوم بليلة، و هي الساعة المستوية، أو جزء من ليل أو نهار، و هي الساعة المعوجّة، فالظاهر صحّة التأجيل بها إن كان طريق إلى تعيينها، كما في زماننا بالآلات المعدّة، و أمّا في عصر الأئمّة عليهم السلام فلم يكن تعيينها ممكناً لجميع الناس في جميع البلاد، و آلات الساعة كانت خاصّة ببعض البلاد لبعض الأغنياء، و الاسطرلاب و سائر آلات المنجِّمين لم تكن متيسّرة “.

و في مرآة العقول: «قوله عليه السلام: لا يوقف على حدّهما، أي ليس لهما حدّ ينضبط بالحسّ عادة، فلعلّها انقضت في أثناء المجامعة، أو أنّ للساعة اصطلاحات مختلفة من الساعات النجوميّة و الزمانيّة و غيرهما»[16].

وقوله ع: ” العرد والعردين ”

في المرآة: ” العرد في أكثر النسخ بالعين و الراء المهملتين، و هو كناية عن المرّة من الجماع، قال الفيروزآبادي: العرد: الصلب الشديد المنتصب، و الذكر المنتشر المنتصب، و عرّد السهم في الرمية: نفذ منها. و يمكن أن يكون بالزاي المعجمة، قال الفيروزآبادي: عزد جاريته كضرب: جامعها. و في بعض نسخ التهذيب «العود» بالواو “.

أقول: ويدل على وجه الشبه بين الجماع و تعريد السهم، ما في لسان العرب، قال: ” عَرَّدَ السهمُ تَعْرِيدًا إِذا نَفَذَ مِنَ الرَّمِية؛ قَالَ سَاعِدَةُ:

فجَالَتْ وخَالَتْ أَنه لَمْ يَقَعْ بِهَا، … وَقَدْ خَلَّها قِدْحٌ صَويبٌ مُعَرِّدُ

مُعَرِّدٌ أَي نافِذٌ، وخَلَّها أَي دَخَلَ فِيهَا[17].

مرسلة القاسم بن محمد الجوهري:

ويدل على هذا المعنى من الأخبار مقترنا بقرينة النهي عن النظر بعد الفراغ، ما رواه الكليني عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ عَلى‏ عَرْدٍ[18] وَاحِدٍ؟

فَقَالَ: «لَا بَأْسَ، وَ لكِنْ إِذَا فَرَغَ فَلْيُحَوِّلْ وَجْهَهُ، وَ لَا يَنْظُرْ».[19]

ورواه عنه الشيخ في التهذيب إلا أنه قال: ” عَلَى عودٍ وَاحِد “.

ولا إشكال فيما يرويه الثقات خاصة ابن فضال عن القاسم بن محمد الجوهري، ويوثق القاسم برواية واعتماد الأجلاء روايته، كابن أبي عمير وصفوان والحسين بن سعيد، لكنه خبر مرسل عمن يضعف حديثه به، وفيه غرابة كغرابة الموثق السابق، إلا أن ترتفع الغرابة بما يأتي بيانه.

 

صحيحة خلف بن حماد:

وقيل أن في معناه ما رواه الكليني عن مُحَمَّدٌ[20]، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ[21]، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ، قَالَ:

أَرْسَلْتُ إِلى‏ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَمْ أَدْنى‏ أَجَلِ‏ الْمُتْعَةِ؟ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَتَّعَ الرَّجُلُ بِشَرْطِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ».[22]

أبو الحسن هو الكاظم عليه السلام، وخلف بن حماد ممن وثق النجاشي مخالفا لشيخه أحمد بن الحسين الغضائري، ففي رجال الأخير بنسخته الحاضرة وعنه حكى ابن داوود والعلامة في الخلاصة قال: ” خلف بن حماد بن ناشر بن الليث الأسدي: كوفي، أمره مختلط، يعرف حديثه تارة و ينكر أخرى و يجوز أن يخرج شاهدا “[23]، ويمكن الجمع بينهما بعد ملاحظة طريقة ابن الغضاري؛ فإنه يلحظ نوع روايات الرجل من الغرابة والتفرد وروايته عمن ومن روى عنه كتابه، وممن أكثر عنه محمد بن خالد البرقي ومحمد بن عيسة بن عبيد، وروى أخبار عمرو بن شمر عن جابر، كما أنه روى عن الثقات، فحديثه يعرف تارة وينكر أخرى، وأما مذهبه فلا يضر في رواية الأحكام غالبا، كغيره من الضعاف المذهب كمحمد بن سنان ومحمد بن عيسى وسهل بن زياد، فالاعتماد على روايته هو المختار إلا ما تفرد به ولم تقم عليه قرينة.

والمختار:

أن: مقتضى قوله ع في تعليله عدم الجواز: «السَّاعَةُ وَ السَّاعَتَانِ‏ لَايُوقَفُ عَلى‏ حَدِّهِمَا، وَ لَكِنَّ الْعَرْدَ وَ الْعَرْدَيْنِ، وَ الْيَوْمَ وَ الْيَوْمَيْنِ وَ اللَّيْلَةَ وَ أَشْبَاهَ ذلِكَ».

أن العرد والعردين مما يوقف على حده، فلو فسر بالجماع کان ظرفه الزمان بلا شك، فيكون مبهما أيضا كالساعة والساعتين، وقوله: ” وأشباه ذلك ” بعد التمثيل بالزمان من الأوقات قد يصرف معنى العرد والعردين لأحد أسماء الزمان المعينين.

وما وقع في رواية الشيخ من أنه في موثق زارارة: ” الْعَوْدَ وَ الْعَوْدَيْنِ ” وضبط بفتح العين، وعنه في مرسلة الجوهري: “العود”، يمكن أن يظهر في معنى الزمان القليل الذي يحترز فيه عن تجاوزه، وإن كان فيه شيء من البعد عن دلالة مرسلة الجوهري، ويكون من الرسم الأول من خطأ النساخ بين الواو الراء لقربهما في الرسم.

ويقوى أن يكون المعنى زمان يضبط بحركة الظل من العود، فالعود مفرد أعواد ومثناه عودان، والمعنى أن له أن يضبط الأجل ببعض النهار المحدد بالأعواد أو بنهار أو نهارين أو ليلة، ويشهد له استعماله في ضبط الأوقات والأزمنة، قال المفيد في مقنعته في تحديد وقت الزوال:

” و علامة الزوال رجوع الفي‏ء بعد انتهائه إلى النقصان، و طريق معرفة ذلك بالأُصْطُرْلَابِ و ميزان الشمس و هو معروف عند كثير من الناس و بالعمود المنصوب في الدائرة الهندية أيضا.

فمن لم يعرف حقيقة العمل بذلك أو لم يجد آلته فلينصب عودا من خشب أو غيره في أرض مستوية التسطيح و يكون أصل العود غليظا و رأسه دقيقا شبه المدري الذي ينسج به التكك أو المسلة التي يخاط بها الأحمال فإن ظل هذا العود يكون في أول النهار أطول منه بلا ارتياب في ذلك و كلما ارتفعت الشمس نقص من طوله حتى يقف القرص في وسط السماء فيقف الفي‏ء حينئذ فإذا زال عن الوسط إلى جهة المغرب رجع إلى الزيادة فيعتبر المتعرف لوقت الزوال ذلك بخطط و علامات يجعلها على رأس ظل للعود عند وضعه في صدر النهار “[24].

وأما صحيحة خلف بن حماد فأجنبية؛ لأن الجواب بالتنعيم وقع على سؤال حماد: ” هل يجوز أن يتمتع الرجل بشرط مرة واحدة ؟ ” أي وطء واحد في الأجل المعين، دون السؤال الآخر عن أدنى أجل المتعة، وإهمال الإجابة عن أحد الأسئلة في المكاتبات ملحوظ ليس بالقليل، هذا، إذا كان السؤالان في سياقين، وكذا إذا كانا في سياق واحد؛ فإنه السؤال عن أقل الأجل في المتعة وهل يكفي فيه وهو معين اشتراط وطء مرة واحدة أم يجب عليها التمكين.

وقد يزاد احتمال آخر، وهو أن يكون بشرط منون تنوين تنكير ومرة واحدة تمييز، أي يتمتع مرة واحدة بشرط الأجل، لكنه بعيد.

وحمل معنى “بشرط مرة واحدة” على شرط الأجل بوطء واحد فيه ما في المعنى السابق -من العرد والعردين- من الإبهام في الأجل الذي دل على وجوبه صحيح محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديثه: “إذا كان شيئا معلوما إلى أجل معلوم “، وحمله على التقية بعيد يفتقر إلى القرنية الأكيدة، فوجب حمله على معنى يوافق الأخبار السابقة، وإلا أجمل معناه.

فتحصل: أن الحجة من هذه الأخبار هو موثق زاراة، والأقوى أن العرد تصحيف العود، ويراد به الزمان القليل، وعليه تحمل مرسلة الجوهري، وأما صحيحة خلف بن حماد فأجنبية أو مجملة لا يمكن التمسك بها.

جواز تعيين مبدأ نكاح المتعة غير متصل بالعقد

” المشهور في كلام الأصحاب أنه لا يجوز أن يعين شهرا متصلا بالعقد و متأخرا عنه، و لو أطلق اقتضى الاتصال، و قيل بعدم جواز الانفصال “[25].

قال المحدث المبرور في حدائقه: ” من فروع المسألة: ما لو كانت المرأة ذات بعل مدة معينة و أراد الغير تزويجها شهرا معينا بعد انقضاء أجل الزوج الأول و عدتها منه، فإنه يصح النكاح بمقتضى ظاهر الخبر، و كذا لو لم تكن ذات بعل وقت العقد، و أرادت التزويج في المدة التي بين وقت العقد و بين الشهر المعين بحيث تتم عدتها و أجلها قبل ذلك الشهر، فإنه يجوز بمقتضى ظاهر الخبر أيضا “[26].

احتج المانعون بتوقيفية الوظائف الشرعية في العقود، ولم ينقل التجويز بدليل معتبر.

واحتج المجوزون بالخبر وبالتمسك بمقتضى العقد المشروط بأجل مضبوط.

أما أخبار المسألة: رواية بكار بن كردم

فهي ما وراه الكليني عن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ[27]، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عِيسَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ بَكَّارِ بْنِ كَرْدَمٍ، قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الرَّجُلُ يَلْقَى الْمَرْأَةَ، فَيَقُولُ لَهَا: زَوِّجِينِي نَفْسَكِ شَهْراً، وَ لَا يُسَمِّي‏ الشَّهْرَ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ يَمْضِي‏ فَيَلْقَاهَا بَعْدَ سِنِينَ.

قَالَ: فَقَالَ: «لَهُ شَهْرُهُ إِنْ كَانَ سَمَّاهُ، وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّاهُ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا».[28]

أقول:

قال النجاشي أن أحمد بن محمد بن عيسى روى كتابه، قال : ” عمر بن عبد العزيز : عربي بصري مخلط، له كتاب أخبرنا ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه بكتابه “[29].

وفي فهرست الشيخ أن رواية البرقي عن أبيه لكتاب عمر، قال : “عمر بن عبد العزيز الملقب بزحل: له كتاب، أخبرنا جماعة عن أبي المفضل عن ابن بطة عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز “[30].

وظاهره في الرجال أن الأشعري والبرقي رويا كتابه بلا واسطة، قال: “عمر بن عبد العزيز الملقب بزحل،

روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى و البرقي “[31].

لكن قد مر عليك أن العنعنة في مصطلح الرواة قد تتعدى لرواية الكتاب بغير سماع، فإذا توثق من الراوي قبلت منه روايته، والأقوى أن يكون الذي روى عنه الكليني هو البرقي لروايته بالواسطة كتاب عمر بن عبد العزيز زحل.

وأما عيسى بن سليمان فمجهول.

وبكار بن كردم مهمل، وفي البصائر الكبير المنسوب للصفار رواية عمر بن عبد العزيز عن بكار بن كرام[32]، وروى عنه محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس وقد مر ضعفه بهذا الطريق، ومحمد بن أبي عمير في رواية، وروى هو عن المفضل بن عمر.

وروى محمد بن سنان كتاب بكار بن كردم، فطريق الشيخ الصدوق -وقد روى الرواية عنه أيضا ويحتمل أنها أخذها من الكافي- لكتاب بكار عنه، قال في المشيخة: ” و ما كان فيه عن بكار بن كردم فقد رويته عن محمّد بن الحسن- رحمه اللّه- عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن بكار بن كردم‏ “[33]، لكن المختار أن طرق الصدوق للكتب في مشيخته ليست كلها طرق لرواياته؛ فقد روى في الكتاب عمن لم يذكرهم في المشيخة، ومن القرائن يعلم أنه اعتمد كتاب الكليني في أكثر ترتيب كتابه واختياراته للأخبار، وإنما صدق في قوله أول المشيخة: ” كلّ ما كان في هذا الكتاب عن عمّار بن موسى السّاباطيّ فقد رويته عن … عن عمار بن موسى الساباطي ” إلى آخر ما ذكر، لأن معناه أن كل ما رويته في هذا الكتاب عنه فلي طريق لرواية راويه، لا بالضرورة أن يكون الخبر بعينه قد استخرجه من كتبه، أو وقعت الإجازة كلية لا تخرج عنها رواية، وهذا يوكل بيانه لمحل آخر.

فالخبر ضعيف من جهات الإسناد والكتاب وصاحبه ومن روى عنه ورواه، وتفرده في المعنى وظهور نقل الصدوق والشيخ عن الكليني -الذي رواه في باب نادر- يوجب عدم شهرته ولا الوثوق بصدوره أو بهذا النحو من المفاد، فالتوقف فيه واجب، والتمسك به للقول بالجواز ضعيف.

هذا من جهة الأدلة اللفظية الصريحة وهي العمدة وبها أمر الله ورسوله وأوصياؤه أن نأخذ.

والحق أن الخبر صريح في جواز تعيين زمان منفصل عن زمان العقد، ولا ينافي أدلة نكاح المتعة؛ لأنه نكاح شرط لم يقيد إلا بشرط الزمان المعلوم مبدأ ونهاية بدلالة صحيحة ابن بزيع عن الرضا عليه السلام: ” إذا كان شيئا معلوما إلى أجل معلوم”، في قبال نكاح الغبطة الدائم، ولا يخرج عن قواعد العقود التي يشترط فيها توفير أسباب المنفعة في زمان الطلب الآجل وما في بعض المروي: “إنما هي مستأجرة”، فلها أن تفعل بنفسها ما تشاء إذا وفت زمان أداء العقد بمنفعة الزوج، فتكون خلية عن الأزواج ممكنة نفسها لتستحق الأجر.

[1] الحدائق الناضرة 24: 142.

[2] الكافي 5: 455/ ح3 ب شروط المتعة.

[3] النجاشي

[4] ( 2). التهذيب، ج 7، ص 50، ح 216، بسنده عن ابن أبي عمير الوافي، ج 18، ص 700، ح 18144؛ الوسائل، ج 18، ص 50، ذيل ح 23114؛ البحار، ج 103، ص 137، ح 11.

[5] في الوافي:« تجده، أي تقدر عليه و إن لم يكن عندك، و هذا القيد مختصّ بالحالّ دون السلم؛ لجواز السلم في ما لا يقدر عليه عند البيع. و يستفاد منه و ما في معناه جواز بيع ما ليس عنده إذا كان ممّا يقدر عليه عند البيع حالّاً كان أو سلماً، فما يوهم صدر الخبر و ما في معناه من تقييد الجواز بما إذا لم يوجب البيع، ينبغي حمله على التقيّة، أو الأولويّة، أو تخصيصه بالمراجعة. و يؤيّد الأوّل نقل صريح الحكم به عن أبيه عليه السلام و شهرة الخلاف عن العامّة حينئذٍ». و في المرآة:« قوله عليه السلام: تجده في الوقت، لعلّه مقصور على ما إذا باعه حالّاً، أو المراد بوقت البيع وقت تسليم المبيع مجازاً، أو كلمة« في» تعليليّة».

[6] الوافي، ج 18، ص 698، ح 18142؛ الوسائل، ج 18، ص 47، ح 23108.

[7] بَابُ قَبَالَةِ الْأَرَضِينَ وَ الْمُزَارَعَةِ بِالنِّصْفِ وَ الثُّلُثِ وَ الرُّبُع‏ / ح5 و 6.

[8] في النوادر:« نكاح».

[9] التهذيب، ج 7، ص 262، ح 1133، معلّقاً عن الكليني. النوادر للأشعري، ص 87، ح 197، عن ابن أبي عمير، إلى قوله:« فهو جائز» الوافي، ج 22، ص 660، ح 21904؛ الوسائل، ج 21، ص 46، ح 26493، إلى قوله:« فهو جائز»؛ و فيه، ص 47، ح 26496، من قوله:« قال: إن سمّي الأجل».

[10] نوادر الأشعري 87/ ح197 ب نكاح المتعة وشروطها.

[11] تهذيب الأحكام 7: 267/ ح1151 ب تفصيل أحكام النكاح.

[12] الحدائق 24: 147.

[13] التهذيب، ج 7، ص 266، ح 1172؛ و الاستبصار، ج 3، ص 151، ح 553، معلّقاً عن الكليني. النوادر للأشعري، ص 88، ح 202، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن عليه السلام، مع زيادة في أوّله و آخره الوافي، ج 22، ص 663، ح 21908؛ الوسائل، ج 21، ص 58، ح 26525.

[14] الكافي ( ط دار الحديث ) 11: 38 / ح 3 ب ما يجوز من الأجل.

[15] تهذيب الأحكام 7: 266/ ح1148 ب تفصيل أحكام النكاح.

[16] مرآة العقول 20: 245.

[17] لسان العرب 3: 287 / فصل العين المهمة، دار الصادر، ط 3، 1414 هـ.

[18] في الوافي عن بعض النسخ و التهذيب:« عود».

[19] التهذيب، ج 7، ص 267، ح 1149؛ و الاستبصار، ج 3، ص 151، ح 555، معلّقاً عن الكليني الوافي، ج 22، ص 664، ح 21911؛ الوسائل، ج 21، ص 59، ح 26528.

[20] في بعض النسخ زيادة: ” بن يحيى “.

[21] في الوسائل:-« عن محمّد بن خالد». و هو سهو؛ فقد روى أحمد بن محمّد عن محمّد بن خالد كتاب خلف بن حمّاد، و تكرّر هذا الطريق في بعض الأسناد. راجع: الفهرست للطوسي، ص 176، الرقم 272؛ معجم رجال الحديث، ج 16، ص 356.

[22] الوافي، ج 22، ص 664، ح 21910؛ الوسائل، ج 21، ص 59، ح 26529.

[23] رجال ابن الغضائري: 56/ ر 44.

[24] المقنعة: 92.

[25] الحدائق 24: 148.

[26] الحدائق 14: 148.

[27] جاء في هامش تخريج الكافي بطبعة دار الحديث وأكثر تعليقاتها السندية من السيد محمد جواد الشبيري الزنجاني: الظاهر أنّ السند معلّق على سابقه. و يروي عن أحمد بن محمّد، عدّة من أصحابنا. و المراد من أحمد بن‏محمّد هو ابن خالد البرقي؛ فقد روى هو عن عمر بن عبد العزيز في المحاسن، ص 363، ح 99 بواسطة محمّد بن عليّ، و في ص 414، ح 163 بواسطة أحمد بن عيسى. و الظاهر أنّ المراد به أحمد بن محمّد بن عيسى، كما يدلّ عليه ورود الخبر في الكافي، ح 11602، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز و يؤيِّد ذلك أنّ أحمد بن محمّد بن خالد يروي عن زرعة[ بن محمّد ] في أكثر أسناده بواسطة واحدة، و في بعضها بواسطتين.

و أمّا احتمال كون المراد من أحمد بن محمّد في سندنا هذا هو شيخ الكليني، فلا دليل عليه، لا لعدم رواية أحمد بن محمّد شيخ المصنّف عن عنوان مبهم؛ لما ورد في الكافي، ح 4747 من رواية أحمد بن محمّد الكوفي عن بعض أصحابه، و لما ورد في الكافي، ح 8067 من رواية أحمد بن محمّد عمّن حدّثه عن محمّد بن الحسين عن وهيب بن حفص، و لما ورد في الكافي، ح 9500 و 10180 و 10289 من رواية أحمد بن محمّد العاصمي عمّن حدّثه. بل لعدم اجتماع أحمد بن محمّد المشترك بين العاصمي و ابن عقدة- و هما من مشايخ المصنّف- مع عمر بن عبد العزيز في سندٍ من أسناد الكافي، بل و لا في شي‏ءٍ من الأسناد في ما تتبّعناه.

[28] ورواه في التهذيب، ج 7، ص 267، ح 1150، معلّقاً عن أحمد بن محمّد، عن بعض رجاله، عن عمر بن عبد العزيز. الفقيه، ج 3، ص 465، ح 4609، معلّقاً عن بكّار بن كردم. خلاصة الإيجاز، ص 49، الباب 3، مرسلًا عن بكّار بن كردم؛ رسالة المتعة، ص 11، ح 21، مرسلًا عن ابن بكّار، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام الوافي، ج 22، ص 667، ح 21917؛ الوسائل، ج 21، ص 72، ح 26564.

[29] النجاشي: 284/ ر754.

[30] فهرست الشيخ: 329/ ر513.

[31] رجال الشيخ: 434/ ر6220.

[32] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَكَّارِ بْنِ كَرَّامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ جُوَيْرِيَةَ بْنَ عُمَرَ الْعَبْدِيَّ خَاصَمَهُ رَجُلٌ فِي فَرَسٍ أُنْثَى فَادَّعَيَا جَمِيعاً الْفَرَسَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَ لِوَاحِدٍ مِنْكُمَا الْبَيِّنَةُ فَقَالا لَا فَقَالَ لِجُوَيْرِيَةَ أَعْطِهِ الْفَرَسَ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِلَا بَيِّنَةٍ فَقَالَ لَهُ وَ اللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُ بِكَ مِنْكَ بِنَفْسِكَ أَ تَنْسَى صَنِيعَكَ بِالْجَاهِلِيَّةِ الْجَهْلَاءِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ. ( البصائر الكبير 1: 247/ ح11 ب11 ).

[33] من لا یحضره الفقیه / المشیخة 4: 526.


الأربعاء 3 – 8 – 2016 م / 28 شوال 1437 هـ

للتحميل من هنا

من أحكام المهر:

لو تبين فساد عقد المتعة

” إذا تبين فساد عقد المتعة بأحد الوجوه الموجبة لذلك، كأن ظهر أن لها زوجا، أو أنها أخت زوجته، أو أمها أو نحو ذلك مما يوجب فسخ العقد فإن كان قبل الدخول فلا خلاف في أنه لا شي‌ء لها من المهر، و إن أخذته استعاده منها، إنما الخلاف فيما إذا ظهر شي‌ء من ذلك بعد الدخول، فللأصحاب فيه أقوال”[1].

والقواعد المنصوصة تقضي بسقوط استحقاق العالمة العامدة للمهر لأنه ” لا مهر لبغي ” “وأجر الزانية سحت”، وكون نكاح الجاهلة وطء شبهة محترما تستحق عليه مهر المثل للدخول بها.

أما أخبار المسألة:

معتبرة علي بن أحمد بن أشيم

فمما يدل على بطلان عقد العالمة العامدة بالتحريم منطوقا:

ما رواه الكليني عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَشْيَمَ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ الرَّيَّانُ بْنُ شَبِيبٍ – يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ‏- : الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ مُتْعَةً بِمَهْرٍ إِلى‏ أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَ أَعْطَاهَا بَعْضَ مَهْرِهَا، وَ أَخَّرَتْهُ بِالْبَاقِي، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا، وَ عَلِمَ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَهَا بَاقِيَ مَهْرِهَا أَنَّمَا زَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا، وَ لَهَا زَوْجٌ مُقِيمٌ مَعَهَا، أَ يَجُوزُ لَهُ حَبْسُ‏ بَاقِي‏ مَهْرِهَا، أَمْ لَا يَجُوزُ؟ فَكَتَبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا يُعْطِيهَا شَيْئاً؛ لِأَنَّهَا عَصَتِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ».[2]

وظاهرها عدم استحقاقها للمهر، وجواز الرجوع عليها بما أعطاها؛ لأن التعليل بالعصيان مقترن بأول زمان العقد الباطل، فحكمه منبسط على كل زمان القضية.

الاعتماد على مرويات علي بن أحمد بن أشيم

إلا أن في سندها علي بن أحمد بن أشيم، قال الشيخ في رجاله أنه مجهول[3]، ولم يذكره النجاشي، ولم ينص على كتاب له.

في الكافي: روى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه، في مواضع متعددة، واختص الأشعري بالرواية عنه، إلا ما رواه عنه سهل وأحمد معا مرة واحدة.

وروى في الكافي أيضا عن علي بن أحمد بن أشيم عن: البيزنطي، وصفوان، وعنهما معا، وسليمان بن جعفر الجعفري الثقة، وابن أبي عمير، وروى مرة واحدة عن محمد بن القاسم الجوهري.

وفي التهذيب روى بسنده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن أحمد بن أشيم عن: محمد بن إبراهيم الحضيني، وعن الحسين بن يسار المدائني الثقة صحيح الحديث، وعن يونس، وعن منصور بن حازم، وعن أبي هارون المكفوف وهو مهمل.

وفي التهذيب: روى الشيخ عن المفيد عن ابن قوليه عن أبيه عن سعد عن الأشعري عن عن أحمد بن أشيم عن يونس، ولعله والد علي أو سقط في اسم علي من قلم النساخ.

ورواياته خالية عن الغرابة، موافقة لغيرها، لم تطرح أو يغمز فيها، وظاهر الاشعري الاعتماد عليه.

ومن مما سبق يظهر أنه ليس بصاحب كتاب أو ليس كتابه مشهورا، وأن الاعتماد في رواية أخباره من كتاب أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي، ولا يظهر من رواياته في الأحكام الشذوذ ولا الغرابة في المعنى، بل اختياره للجيد من الرواية ومكاتبته للمسائل يظهر منها المعرفة والإجادة، فمجهوليته في كلام الشيخ في رجاله يحتمل عوده لعدم كتاب بلغهم عنه ولقلة أخباره في المجموع، ويؤيده خلو ذكره من كتب الفهارس المعمولة لحصر الكتب والطرق إليها كفهرست النجاشي والشيخ رحمهما الله.

صحيحة حفص بن البختري

وأما ما رواه الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «إِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْمَهْرِ، وَ عَلِمَ أَنَّ لَهَا زَوْجاً، فَمَا أَخَذَتْهُ فَلَهَا بِمَا اسْتَحَلَ‏[4] مِنْ فَرْجِهَا، وَ يَحْبِس‏ عَنْهَا مَا بَقِيَ عِنْدَهُ»[5].

وقد عدت من روايات المتعة لا الدوام لأن الكليني رواها في أبوابها، وكذا الشيخ في التهذيب.

وحفص ثقة ولا يضر بغمز آل زرارة فيه لأنه عن عصبية كما يظهر من قول النجاشي في ترجمته، وقد ذكرنا في الرجال أن غمزهم له بلعب الشطرنج يحتمل فيه أن يكون له نسب بالبختري أشهر من لعب الشطرنج من ندماء خليفة بغداد، أو أنه قد سأل عن حكمه وروى عن ابي عبد الله عليه السلام أنه باطل، فأخذ بتهمة اللعب به، وعلى أي حال فلا ريب في وثاقته والاعتماد على ما صح عنه.

ويدل بإطلاقه القول: ” فَمَا أَخَذَتْهُ فَلَهَا بِمَا اسْتَحَلَ‏[6] مِنْ فَرْجِهَا، وَ يَحْبِس‏ عَنْهَا مَا بَقِيَ عِنْدَهُ” حالتي كونها عالمة وجاهلة، وتخصص بذلك أدلة أن لا مهر لبغي وأن أجر الزانية سحت، فتستحق حصة من المهر تقابل ما بذلته من نفسها، إلا أن يقال أن عمومات نفي استحقاق البغي للمهر آبية عن التخصيص.

غير أنه مر عليك أمثال هذا التمسك بالمطلقات، وقلنا هناك أن الإطلاق وكذا أكثر المفاهيم من قبيل المعاني المستظهرة غير الصريحة في الروايات التي بلغتنا بالواسطة وخفيت عنا القرائن المحيطة بها، لابد أن يستند الإطلاق اللفظي فيها إلى قرينة تعين المراد الجدي عند الشك في الدلالة وانعقاد الإطلاق؛ إذ الإطلاق حقيقته مجموع أمرين؛ لفظي معدوم القيود وقصد إليه يريده المتكلم، ولا أصل يمكن التمسك عند الشك في انعقاده إلا بين المتشافهين وحضار مجالس البيان المبصرين لأحواله، فيكون من قبيل إثبات الشيء بنفسه، فإذا أخفى الراوي تلك القرائن وشككنا في المعنى مطلق هو أو مقيد، وجب التوقف لإجمال الرواية، وصير إلى المحكمات من الأخبار العامة أو الخاصة، وهي صريحة في نفي مهر البغية، فتحمل هذه الرواية المتشابهة على ذاك المحكم، ويكون المراد منها بيان حكم المرأة الجاهلة.

وقيل: وعلى أن ما أخذته يفي بمهر المثل لا أكثر ولا أقل منه لأنه من وطء الشبهة، والأقوى أن التصريح في الأخبار بتقسيط المهر على مقدار المنفعة وأنهن مستأجرات يمنع مساواته بأحكام الوطء الدائم، فيكون ظاهر الصحيحة في أن لها ما أخذته الذي يقابل مدة جهلها، فيضمن لها أجر مثل تلك المدة ويحبس عنها الباقي، ولم يذكر أن لها ما سمياه في العقد؛ لانصراف الكلام المطلق للفرد الغالب في مقام تبيين القواعد، فليس للدليل إطلاق لأنه ليس في مقام التفصيل من هذه الجهة.

فتحصل: أنه لو تبين فساد عقد المتعة، ضمن للمرأة مهر مثلها في مدة جهلها، وسقط مهر العالمة المتعمدة وجاز له الرجوع عليها بما بذله لها.

[1] الحدائق 24: 163.

[2] ( 12). الوافي، ج 22، ص 673، ح 21932؛ الوسائل، ج 21، ص 62، ح 26538.

[3] رجال الشيخ: 363/ ر5380.

[4] في المرآة:« قوله عليه السلام: فلها بما استحلّ، يمكن حمله على الجهل و على ما إذا كان بقدر مهر المثل.

و قال السيّد رحمه الله: إذا تبيّن فساد عقد المتعة، فإن كان قبل الدخول فلا شي‏ء لها، فإن كان قد دفع إليها أو بعضه استعاده منها، و هذا موضع وفاق. و إن كان بعد الدخول فقد اختلف الأصحاب في حكمه على أقوال:

أحدها: أنّ لها ما أخذت و لا يلزمها أن يعطيها ما بقي؛ اختاره المفيد و الشيخ في النهاية، و لم يفرّقا بين أن تكون عالمة أو جاهلة. و يشكل بأنّها إذا كانت عالمة تكون بغيّاً و لا مهر لبغيّ.

و ثانيها: إن كانت عالمة فلا شي‏ء لها، و إن كانت جاهلة فلها مجموع المسمّى؛ اختاره المحقّق و جماعة. و يشكل بأنّ المسمّى إنّما يلزم بالعقد الصحيح لا بالفاسد.

و ثالثها: أنّها لا شي‏ء لها مع العلم، و لها مهر المثل مع الجهل، و هل المراد بمهر المثل مهر المثل لتلك المدّة أو مهر المثل للنكاح الدائم؟ قولان؛ أظهرهما الأوّل.

و رابعها: أنّه لا شي‏ء لها مع العلم، و مع الجهل يلزمه أقلّ الأمرين من المسمّى و مهر المثل». و راجع: النهاية، ص 491؛ نهاية المرام، ج 1، ص 236.

[5] الكافي ط دار الحديث 11: 41/ ب حبس المهر عنها إذا أخلفت ح2، التهذيب، ج 7، ص 261، ح 1128، معلّقاً عن الكليني الوافي، ج 22، ص 672، ح 21929؛ الوسائل، ج 21، ص 62، ح 26537.

[6] في المرآة:« قوله عليه السلام: فلها بما استحلّ، يمكن حمله على الجهل و على ما إذا كان بقدر مهر المثل.

و قال السيّد رحمه الله: إذا تبيّن فساد عقد المتعة، فإن كان قبل الدخول فلا شي‏ء لها، فإن كان قد دفع إليها أو بعضه استعاده منها، و هذا موضع وفاق. و إن كان بعد الدخول فقد اختلف الأصحاب في حكمه على أقوال:

أحدها: أنّ لها ما أخذت و لا يلزمها أن يعطيها ما بقي؛ اختاره المفيد و الشيخ في النهاية، و لم يفرّقا بين أن تكون عالمة أو جاهلة. و يشكل بأنّها إذا كانت عالمة تكون بغيّاً و لا مهر لبغيّ.

و ثانيها: إن كانت عالمة فلا شي‏ء لها، و إن كانت جاهلة فلها مجموع المسمّى؛ اختاره المحقّق و جماعة. و يشكل بأنّ المسمّى إنّما يلزم بالعقد الصحيح لا بالفاسد.

و ثالثها: أنّها لا شي‏ء لها مع العلم، و لها مهر المثل مع الجهل، و هل المراد بمهر المثل مهر المثل لتلك المدّة أو مهر المثل للنكاح الدائم؟ قولان؛ أظهرهما الأوّل.

و رابعها: أنّه لا شي‏ء لها مع العلم، و مع الجهل يلزمه أقلّ الأمرين من المسمّى و مهر المثل». و راجع: النهاية، ص 491؛ نهاية المرام، ج 1، ص 236.


الأحد 7 – 8 – 2016 م / 3 ذو القعدة 1437 هـ

( مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ قَبْلَ النِّكَاحِ هَدَمَهُ النِّكَاحُ وَ مَا كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ، فَهُوَ جَائِزٌ )

لتحميل ملف PDF: من هنا

” لا ريب و لا إشكال في صحة الاشتراط في العقود بما لا يخالف الكتاب و السنة، و وجوب الوفاء به لعموم الأخبار الدالة على وجوب الوفاء بها، و المفهوم في كلام أكثر الأصحاب أن الشرط إنما يعتد به و يجب الوفاء إذا وقع بين الإيجاب و القبول ليكون من جملة العقد اللازم، فلو قدمه على العقد أو أخره عنه لم يقع معتدا به، لأنه و الحال هذه لا يكون محسوبا من العقد.

و قال الشيخ في النهاية: كل شرط يشترط الرجل على المرأة يكون له تأثير بعد ذكر العقد، فإن ذكر الشروط و ذكر بعدها العقد كانت الشروط التي قدم ذكرها باطلة لا تأثير لها، فإن كررها بعد العقد ثبت على ما شرط.

و أنكر ابن إدريس ذلك و خص اللزوم بما اشتمل عليه العقد، و عليه كافة المتأخرين، و ربما قيل بأن ما دل على الوفاء بالشرط كما يشمل الشرط الذي في العقد يشمل ما تقدم و ما تأخر عنه أيضا، إلا أن يدعى منع صدق اسم الشرط على غير ما لم يذكر في العقد”[1].

أقول: لا ينبغي جعل هذا الأمر خلافيا؛ فإن الأقوى أن مراد الشيخ رحمه الله من عبارته المحكية أنه لا يصح ذكر شرط غير تابع لعقد ملزم متصلا به؛ لأن الشروط ليست عقدا بل تابعة للعقود والتزام في التزام، ولأنه لا يصدق اسم الشرط إن وقع قبل العقد مقاولة بلا متعلق فلا يلزم، وإن وقع بعده منفصلا عنه وقع بعد الإلزام ولا إلزام بعده، وإن تعقب الشرطُ العقدَ متعلقا به مرتبطا بالمبرز الصريح له وقع لازما وأثر أثره، وهو الموافق للأخبار؛ فإن عقد المتعة مجموع عقد نكاح وشرط تابع له يعين الأجل ويقيده، ولعل إطلاق النكاح على العقد في الأخبار أوهم أن الشرط لم يؤخذ فيها أوجبه وقبله الطرفان.

والأخبار التي استدل بها هي:

ما رواه الكليني عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ ابْنِ رِئَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ»[2]؟

فَقَالَ: «مَا تَرَاضَوْا بِهِ‏ مِنْ بَعْدِ النِّكَاحِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَ مَا كَانَ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا يَجُوزُ إلا بِرِضَاهَا، وَ بِشَيْ‏ءٍ يُعْطِيهَا فَتَرْضى‏ بِهِ».[3]

ورواه صاحب النوادر بسنده.

والجواز بمعنى المضي والصحة والإلزام، وما كان قبل العقد فغير مستقل بالإلزام، فلا يلزمها القبول مجانا -بقبولها العقد- على شيء تقاولت معه قبله، فخدمة المنزل والعيال مما يقع تارة ضمن العقد فيلزم، وأخرى تستحق عليه المطالبة بالعوض إن وقع بعد عقد النكاح ولا يلزمها بذله مجانا .

لكن الصحيحة ظاهرة في التجديد بتراض جديد وشرط مستأنف بأجل معين؛ ويؤيده ما رواه العياشي بسنده عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي الْمُتْعَةِ قَالَ: ” نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ )، قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ تَزِيدَهَا وَ تَزِيدَكَ إِذَا انْقَطَعَ الْأَجَلُ بَيْنَكُمَا، فَتَقُولَ: اسْتَحْلَلْتُكِ بِأَمْرٍ آخَرَ بِرِضًا مِنْهَا، وَ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَ عِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ “.

وَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع: ” أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ )، فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ يُحْدِثَ شَيْئاً بَعْدَ الْأَجَلِ “.

والكلام في مسألتنا عن وجوب اتخاذ الشرط في مبتدأ العقد الأول هل يجوز أن يوقع بعد العقد ؟.

ويمكن جعل الرواية دليلا على وجوب ذكر الشرط في جملة الإيجاب ثم القبول من باب أولوية الأول من الثاني؛ فإذا وجب في الثاني بصورته المذكورة فالأول أولى منه.

وتقدم موثق ابن بكير: وهو ما رواه محمد بن يعقوب عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ:

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ قَبْلَ النِّكَاحِ، هَدَمَهُ النِّكَاحُ؛ وَ مَا كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ، فَهُوَ جَائِزٌ[4]».

وَ قَالَ: «إِنْ سُمِّيَ الْأَجَلُ‏ فَهُوَ مُتْعَةٌ، وَ إِنْ لَمْ يُسَمَّ الْأَجَلُ فَهُوَ نِكَاحٌ‏ بَاتٌ».[5]

وفي نوادر الأشعري عن ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: ” قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع:‏ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ قَبْلَ‏ النِّكَاحِ‏ هَدَمَهُ النِّكَاحُ وَ مَا كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ فَهُوَ نِكَاح‏ “[6].

فالبعدية المتصلة مؤثرة للزوم كون الشرط لا يستقل بنفسه دون المشروط، ولا يثمر إلا بتعلقه بالعقد.

ولذا وجب ذكره في جملة الإيجاب بعد اللفظ الصريح الدال عليه ولا يكتفى بذكره أولا، ويؤيده ما روي في:

الكافي: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ:

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا اشْتَرَطْتَ عَلَى الْمَرْأَةِ شُرُوطَ الْمُتْعَةِ، فَرَضِيَتْ بِهِ، وَ أَوْجَبَتِ التَّزْوِيجَ، فَارْدُدْ عَلَيْهَا شَرْطَكَ الْأَوَّلَ بَعْدَ النِّكَاحِ، فَإِنْ أَجَازَتْهُ فَقَدْ جَازَ، وَ إِنْ‏ لَمْ تُجِزْهُ‏ فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهَا مَا كَانَ مِنَ الشَّرْطِ قَبْلَ النِّكَاحِ».[7]

ومثله ما رواه عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ‏[8]، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى‏، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ‏[9]، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا اشْتَرَطْتَ عَلَى الْمَرْأَةِ شُرُوطَ الْمُتْعَةِ، فَرَضِيَتْ بِهَا وَ أَوْجَبَتِ‏ التَّزْوِيجَ، فَارْدُدْ عَلَيْهَا شَرْطَكَ الْأَوَّلَ بَعْدَ النِّكَاحِ، فَإِنْ أَجَازَتْهُ ‏جَازَ، وَ إِنْ لَم تُجِزْهُ، فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهَا مَا كَانَ مِنَ الشَّرْطِ قَبْلَ النِّكَاحِ».[10]

فهما خبر واحد، ومفاد الأمر فيها هو وجوب تكرار الشرط وهو الأجل بعد الإيجاب، والمعنى الظاهر أنه يكرر ما اتفقا عليه قبل الإيجاب، ويقع قبولها بعد هذا التكرار، لا أنها تقبل ثم يرد عليها الشرط.

وهذه الروايات المستدل بها هي مجموع ما رواه الكليني في باب أنه يحتاج أن يعيد عليها الشرط بعد عُقدة النكاح[11].

وحاصلها ما ذكرناه: أن الشروط اللازمة هي ما أتبعت جملة العقد اللازم متصلة به ذكرا ومجلسا عرفا وليس في ظاهرها ما ينافي شأن العقود، ومعنى النكاح في الروايات السالفة بقرينة الكلام عن العقد هو جملة عقده – إيجابا أو قبولا بناء على الصحيح من عدم الفرق في المتقدم منها في العقد – المتقدم على الاشتراط، بحيث يكون الشرط مشمولا بإيجاب العقد وقبوله، وليس في تلكم الأخبار ما يدل على مضي الشروط غير المتصلة بجملة العقد بعد القبول، وإنما اقتصرت على بيان صحة الشرط إذا علق على عقد، وبطلانه إن سبق العقد، وهي بعينه كلام الشيخ الذي أراد معناه، لا أن الشروط التي تذكر في العقد يجب إعادتها بعده لتكون لازمة.

فيجب على المتمتع أن يوجب العقد ويتبعه بذكر الشرط صريحا حتى يقع لازما، ولا يكفي التقاول والاتفاق عليه قبل العقد؛ لأن حقيقة الشروط هي التعليق، فيلزم العقد المشروط -أي المتعة- بمهر معلوم وأجل معلوم بعد قبول العقد المقيد بشرطه، وبهذا تأتلف كلمات المشهور مع اختيار الشيخ رحمه الله.

*كتبه: محمد العريبي

الهوامش:

[1] الحدائق 24: 167-168.

[2] النساء( 4): 24.

[3] النوادر للأشعري، ص 84، ح 188، بسنده عن محمّد بن مسلم الوافي، ج 22، ص 661، ح 21905؛ الوسائل، ج 21، ص 46، ح 26494.

[4] في النوادر:« نكاح».

[5] التهذيب، ج 7، ص 262، ح 1133، معلّقاً عن الكليني. النوادر للأشعري، ص 87، ح 197، عن ابن أبي عمير، إلى قوله:« فهو جائز» الوافي، ج 22، ص 660، ح 21904؛ الوسائل، ج 21، ص 46، ح 26493، إلى قوله:« فهو جائز»؛ و فيه، ص 47، ح 26496، من قوله:« قال: إن سمّي الأجل».

[6] نوادر الأشعري 87/ ح197 ب نكاح المتعة وشروطها.

[7] الوافي، ج 22، ص 662، ح 21906؛ الوسائل، ج 21، ص 45، ح 26492.

[8] في الوافي و التهذيب:+« عن أبيه»، و هو سهو ناشٍ من كثرة روايات عليّ بن إبراهيم عن أبيه، كما تقدّم في‏الكافي، ذيل ح 187.

 [9] في هامش الكافي ط دار الحديث -بتصرف- : هكذا في بعض النسخ والطبعة الحجريّة و التهذيب. و في أخرى و المطبوع و الوسائل:« ابن بكير بن أعين» هذا، و قد تقدّم الخبر عن سليمان بن سالم عن ابن بكير، و هذا مقتضى طبقة محمّد بن عيسى؛ فإنّه لا يروي عن بكير بن أعين المتوفّى في حياة الصادق عليه السلام، بواسطة واحدة. فالظاهر أنّ الصواب ما كان في أكثر النسخ و المطبوع. لكن في المقام نكتة لابدّ من الالتفات إليها، و هو الفرق بين ما هو الصواب واقعاً و في نفس الأمر و بين ما هو الصواب نسخةً بحيث يمكن انتسابه إلى المصنّف. و مقتضى النسخ في ما نحن فيه أنّ الصواب نسخةً هو ما أثبتناه؛ فإنّ تعبير « ابن بكير بن أعين» تعبير غريب جدّاً لم نجده إلّافي سند هذا الحديث و سند خبر ورد في النوادر المنسوب إلى الأشعري، ص 29، ح 22 و سنده هكذا:« و عنه عن ابن بكير بن أعين، قال: إنّ اخت عبد اللَّه … فسئل أبو جعفر عليه السلام عن ذلك، فقال». و الضمير في صدر السند راجع إلى أحمد بن محمّد المراد به ابن أبي نصر البزنطي و هو راوٍ عن ‏[ عبد اللَّه‏] بن بكير. راجع: معجم رجال الحديث، ج 2، ص 600؛ و ص 613- 614.

و الظاهر أنّ الأصل في الموضعين كان هو بكير بن أعين، لكن بملاحظة عدم تَناسُب طبقة بكير بن أعين للوقوع في هذا الموضع من السند فسّر العنوان أوصُحِّح تصحيحاً اجتهاديّاً بابن بكير بن أعين. فادرجت « ابن» في المتن بتوهّم سقوطه منه بناءً على الفرض الأوّل.

و يؤيّد ذلك خلوّ أقدم نسخة من الكافي و هو نسخة التهذيب عن لفظة « ابن ».

[10] التهذيب، ج 7، ص 263، ح 1138، معلّقاً عن الكليني الوافي، ج 22، ص 662، ح 21906؛ الوسائل، ج 21، ص 45، ذيل ح 26492.

[11] الكافي ط دار الحديث 11: 28.


نكاح المتعة – صحة نفي الولد باللعان في نكاح المتعة

(4-5) ذي القعدة 1437 هـ / (8-9) -8-2016 م

*كتبه: محمد العريبي

للتحميل: من هنا

صحة نفي الولد باللعان في نكاح المتعة

قال الشيخ يوسف رحمه الله في الحدائق: ” قد صرحوا بأنه يجوز للمتمتع العزل و إن لم ترض، و أن الولد‌ يلحق به و إن عزل، و أنه لو نفاه عن نفسه انتفى و لم يفتقر إلى لعان، و هذا الكلام يتضمن أحكاما ثلاثة “[1].

ثم ساق أدلة كل حكم.

فقال: “الأول: إنه يجوز للمتمتع العزل و إن لم تأذن، و قد نقل غير واحد من الأصحاب أنه موضع وفاق، و يؤيده ما تقدم في الفائدة الحادية عشر من الفوائد المتقدمة من أن الأظهر الأشهر جواز العزل عن الحرة على كراهية .

و يؤيده أيضا أن الوطي لا يجب لهن إجماعا، لأن الغرض الأصلي منهن الاستمتاع دون النسل، و قوله عليه السلام‌ في رواية ابن أبي عمير المرسلة: ” الماء ماء الرجل يضعه حيث يشاء، إلا أنه إذا جاء ولد لم ينكره و شدد في إنكار الولد، و بالجملة فالحكم مما لا خلاف و لا إشكال”.

أقول: حرمة حبس المرأة في النكاح وترك وطئها أكثر من أربعة أشهر أو لزمان لا تتحمله عادة يشمل كلا من نكاح العبطة الدائم ونكاح المتعة المنقطع، ويدل عليه ما رواه الصدوق في الفقيه بسنده قال: ” سَأَلَ صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ فَيُمْسِكُ عَنْهَا الْأَشْهُرَ وَالسَّنَةَ لَا يَقْرَبُهَا، لَيْسَ يُرِيدُ الْإِضْرَارَ بِهَا، يَكُونُ لَهُمْ مُصِيبَةٌ، يَكُونُ فِي ذَلِكَ آثِماً ؟ قَالَ: إِذَا تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَانَ آثِماً بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِهَا “[2]، وغيره مما تقدم في حكم ترك وطء الزوجة لأكثر من أربعة أشهر، وحملناه على الغالب من النساء فتختص كل وشأنها، وإطلاق النصوص لا فرق فيه بين الدائم والمتعة.

ثم قال:

” الثاني: إن الولد يلحق به و إن عزل، و هذا الحكم لا يختص بالمتعة بل يجري في كل وطئ صحيح، و الوجه فيه بعد النص الدال على أن‌ «الولد للفراش»، وخصوص رواية ابن أبي عمير المتقدمة جواز سبق المني من حيث لا يشعر، و يعضد ذلك إطلاق صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث في المتعة قال: «قلت: أ رأيت إن حملت؟ قال: هو ولده»، فإن ترك الاستفصال دليل على العموم في المقال.

و في صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: «سأل رجل الرضا عليه السلام عن‌ الرجل يتزوج المرأة متعة، و يشترط عليها أن لا يطلب ولدها فتأتي بعد ذلك بولد فينكر الولد، فشدد في ذلك، فقال: يجحد، و كيف يجحد ! إعظاما لذلك، قال الرجل: فإن اتهمها؟ قال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلا مأمونة».

قوله « و يشترط عليها أن لا يطلب ولدها » كناية عن العزل بمعنى أنه يشترط عليها العزل، و هو ظاهر في أنه ليس له بعد الوطي نفي الولد و إن عزل، و لا بمجرد التهمة، بل لا بد من العلم بانتفائه.

و في رواية الفتح بن يزيد قال: « سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الشروط في المتعة، فقال: الشروط فيها بكذا و كذا إلى كذا و كذا، فإن قالت: نعم فذاك له جائز، و لا تقول كما أنهى إلي أن أهل العراق يقولون: الماء مائي و الأرض لك و لست أسقي أرضك الماء، و إن نبت هناك نبت فهو لصاحب الأرض، فإن شرطين في شرط فاسد: فإن رزقت ولدا قبله، و الأمر واضح، فمن شاء التلبيس على نفسه لبس ».

قيل: المراد بالشرطين هما الإفضاء إليها و عدم قبول الولد؛ و إنما فسدا لتنافيهما شرعا، و قيل: المراد بأحد الشرطين شرط الله لقبول الولد، و الآخر شرط الرجل لنفسه، و الظاهر أن الأول أقرب، لأن ذلك هو الذي اشتمل عليه العقد.

و كيف كان فالخبر دال على أنه متى جامعها فإن عزل فإنه يجب عليه قبول الولد متى رزقها الله تعالى إياه، و لا يجوز له نفيه بأن يلحقه بالأم، و هو المشار إليه بقوله «و إن نبت هناك نبت فهو لصاحب الأرض» فإن المراد بالنبت الولد “.

أقول: وحاصله أن الولد تابع للماء بحسب الظاهر مطلقا إلا أن يقيم البينة على عدم الوطء أو عدم إمكانه أو يتلاعنان فلا يلحقه، وعلى القول بإمكان نفي الولد في المتعة ظاهرا بغير ملاعنة ولا بينة -بمعنى الأمر الذي يوجب العلم والوثوق – فيفتقر إلى حجة تقيد الأدلة العامة السابقة في أنه ليس له ذلك.

ثم قال رحمه الله:

” الثالث: إنه لو نفاه عن نفسه، فإنه ينتفي ظاهرا، و لا يتوقف على اللعان، قال في المسالك: و هو موضع وفاق”.

أقول: ظاهر المحكي عن الشهيد هو الإجماع على الحكم؛ لكن الوجدان ينفيه فالمخالف فيها معروف، قال العلامة في المختلف:

” «قال الشيخ في النهاية: لا يقع بالمتمتّع بها لعان و لا إيلاء.

و قال السيد المرتضى: إنّهما يقعان بها.

و قال أبو الصلاح: لا يقع بينهما إيلاء و لا طلاق و لا يصحّ بينهما لعان و يصحّ الظهار.

قال ابن إدريس: لا يصحّ بينها و بين الزوج لعان و يصحّ الظهار منها عند بعض أصحابنا و كذلك اللعان عند السيد المرتضى و الأظهر أنّه لا يصحّ بينهما»، وكذا ابن سعيد في الجامع قال: «ولد المتعة لاحق بالمتمتع، فإن أنكره لاعن، و قيل: لا يلاعن».

وقال المفيد في المسائل الصاغانية: ” إجماع الأمة – على اختلافهم – بأن المتمتعة ليس بينها وبين المستمتع لعان “[3].

وأما أخبار المسألة:

فحصرت في روايتين:

صحيحة ابن يعفور:

ما رواه الكليني عن شيخه محمد ين يحيى عَنْ أَحْمَدَ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «لَا يُلَاعِنُ‏ الرَّجُلُ‏ الْمَرْأَةَ الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهَا».[4]

وهي ظاهرة في النهي والإبطال إذا انعقد لها إطلاق والحال أن الإطلاق اللفظي لغير المشافهين كما مر لا ينعقد مع الشك المراد وفقدان القرينة ؛ وهي شاذة المعنى في قبال دلالة العمومات والمطلقات الكثيرة الصريحة في وقوع اللعان بين مطلق الزوجين مع كثرة الابتلاء وقوة ظهورها في مقام البيان الكامل، هذا مع أنها ليست صريحة في نفي الولد بلعان البنوة؛ إذ اللعان لا ينحصر فيه وقد يكون لمجرد القيام بما يدرأ عنه حد القذف بالزنا، بل هي محتملة الحمل على النهي عن إشهار اللعان الذي يكون أمام القاضي وجمع من الشهود فيعرف أمره أنه على مذهب التحليل.

صحيحة ابن سنان:

وما رواه الصدوق في الفقيه عن ابن سنان -والأقوى أنه عبد الله- في جملة قوله:

” رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الْحُرِّ يُلَاعِنُ الْمَمْلُوكَةَ ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَانَ مَوْلَاهَا الَّذِي زَوَّجَهَا إِيَّاهُ.

فَأَمَّا خَبَرُ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ‏ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يُلَاعِنُ‏ الرَّجُلُ الْحُرُّ الْأَمَةَ وَ لَا الذِّمِّيَّةَ وَ لَا الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهَا.

فَإِنَّهُ يَعْنِي الْأَمَةَ الَّتِي يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَ الذِّمِّيَّةَ الَّتِي هِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَ لَمْ تُسْلِمْ وَ الْحَدِيثُ الْمُفَسَّرُ يَحْكُمُ عَلَى الْمُجْمَل‏”.

وتبعه الشيخ في التهذيب بقوله:

” عَنْهُ [ مُعلَّق – أي محمد بن يعقوب ] عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْحُرِّ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَمْلُوكَةِ لِعَانٌ فَقَالَ نَعَمْ وَ بَيْنَ الْمَمْلُوكِ وَ الْحُرَّةِ وَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَ الْيَهُودِيَّةِ وَ النَّصْرَانِيَّةِ وَ لَا يَتَوَارَثَانِ وَ لَا يَتَوَارَثُ الْحُرُّ وَ الْمَمْلُوكَةُ.

فَأَمَّا مَا رَوَاهُ- الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يُلَاعِنُ الْحُرُّ الْأَمَةَ وَ لَا الذِّمِّيَّةَ وَ لَا الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهَا.

فَهَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ الرَّجُلُ الْأَمَةَ إِذَا كَانَ يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَ يَكُونُ قَوْلُهُ وَ لَا الذِّمِّيَّةَ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أَمَةً ذِمِّيَّةً وَ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ الْأَمَةَ وَ الذِّمِّيَّةَ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَمَةً إِذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً ثُمَّ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ وَ لَا الذِّمِّيَّةَ يَعْنِي إِذَا كَانَتْ أَمَةً ذِمِّيَّةً فَهَذَا وَجْهٌ قَرِيبٌ وَ الْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْخَبَرِ إِذَا كَانَ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلَاهَا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلَاهَا فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا وَ يَكُونُ الْأَوْلَادُ رِقّاً لِمَوْلَاهَا إِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ حَسَبَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ‏:

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الْحُرِّ يُلَاعِنُ الْمَمْلُوكَةَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ مَوْلَاهَا الَّذِي زَوَّجَهَا إِيَّاهُ “[5].

آقول: الرواية من متفردات كتاب الفقيه ولا يعلم أنها من كتاب الحسن بن محبوب مباشرة؛ لعدم جريان طريقته في الفقيه عليه وعدم دلالة المشيخة على الرواية عن الكتاب دائما بل هي ذكر لطريقه إليه بالإجازة العامة في الرواية إلا أن يبين وكذا مشيخة الشيخ في الفهرست، فبيان الطريق إلى الراوي أو أصله أعم من طريقه إلى كتاب قرأه أو عاينه ليقال أنه كتاب مشهور وعلى أخباره الاعتماد، ورواية الشيخ رحمه الله تابعة له في الرواية والحمل، كعادته في النقل عن الكافي والفقيه[6].

وعلى أي احتمال – سواء كان النقل على الكتاب مباشرة أو بواسطة كتاب غيره أو من الرواة فيحتمل الاشتباه – فهي شاذة إذا كان المعنى هو نفي الملاعنة في المتعة كسابقتها والكلام السابق يجري فيها أيضا؛ إلا على التأويل الذي ذكره في التهذيب وأيده بصحيحة محمد بن مسلم الدالة على جواز الملاعنة إذا كان التزويج بإذن مولاها، وعلى توجيهه يمكن أن يكون قوله: ” ولا التي يتمتع بها ” أي من الإماء بدون إذن سيدها ليحفظ السياق؛ فإنه لا لعان بدون زواج عن إذن أهلها، وأولادها رق لمولاها، بل يؤكد هذا الاستظهار -من اختصاص الحكم بالإماء المسلمات والذميات والمتمتع بهن- ما احترز به من وصف الرجل بالحر ليقابل المملوكة من الموصوفات الثلاث، ومن رواية  عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ: عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «لَا يُتَمَتَّعُ بِالْأَمَةِ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا»، وغيرها الدالة على تكثر السؤال عن حكم التمتع بالإماء وندرة الالتفات إلى حكم الملاعنة لخصوصية المتعة مطلقا، فهي وإن لم تعين انصرافا لإطلاق صحيحة عبد الله بن سنان إلا أنها مضعفة لظهورها في نفي اللعان لمطلق الأحوال.

فتحصل مما مر:

أنه لا يمكن التمسك بالصحيحتين السابقتين لتقييد روايات نفي الولد باللعان بين الزوج والزوجة المدخول بها دواما أو متعة، وكذا لا موجب للاحتياط؛ لأن التعارض بين الأصلين الحجتين أو رجحان الشك في دخول المورد في المراد بيان حكمه هو المقتضي لدخول الحكم في المتشابهات الواجب الاحتياط فيها والتي يسري إجمال الدليل الخاص إلى الدليل العام عندها، ومر بيانه في أكثر من مسألة، والحال -كما مر عليك- صراحة العمومات والمطلقات وحجيتها في الدلالة ووفاؤها بالحكم في جواز وقوع الملاعنة لنفي الولد في كل نكاح كان غبطة دواما أو منقطعا متعة.

 

[1] الحدائق 24: 170-171.

[2] الفقيه 3: 405/ ح4415 ب حَدِّ الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا تَرْكُ الْجِمَاعِ لِمَنْ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ الْحُرَّة

[3] المسائل الصاغانية: 49.

[4] التهذيب، ج 7، ص 472، ح 1892، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن عبد اللَّه بن أبي يعفور. و فيه، ج 8، ص 189، ح 659، معلّقاً عن الحسن بن محبوب. و في الفقيه، ج 3، ص 538، ح 4855؛ و التهذيب، ج 8، ص 188، ح 653؛ و الاستبصار، ج 3، ص 373، ح 1332، بسند آخر، مع اختلاف يسير و زيادة الوافي، ج 22، ص 964، ح 22565؛ الوسائل، ج 22، ص 430، ح 28959.

[5] التهذيب 8: 88/ ب اللعان

[6] وطريق الصدوق إلى رواية الحسن بن محبوب بينه بقوله: ” و ما كان فيه عن الحسن بن محبوب فقد رويته عن محمّد بن موسى بن المتوكّل- رضي اللّه عنه- عن عبد اللّه بن جعفر الحميريّ؛ و سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب‏ “، وقد طريق الشيخ إلى كتاب ابن محبوب بأسانيده “عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب”.


11 ذي القعدة 1473 هـ / 15 – 8 – 2016 م

صحة اشتراط التوارث في عقد المتعة:

للتحميل: من هنا

“اختلف الأصحاب في ثبوت التوارث بهذا العقد على أقوال:

(أحدهما) إنه يقتضي التوارث كالدائم حتى لو شرطا سقوطه بطل الشرط، كما لو شرطا عدمه في النكاح الدائم، و يعبر عنه بأن المقتضي للإرث هو العقد‌ لا بشرط شي‌ء [ وأما الماهية فهي بشرط شيء ] و هذا القول لابن البراج، و استند فيه إلى عموم الآية الدالة على توريث الزوجة ، و هذه زوجة، فترث كسائر الزوجات، و يدل على كونها زوجة آية «إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ» و ملك اليمين منتف عنها قطعا، فلو لم تثبت كونها زوجة لزم تحريمها، و عدم حلها كما تدعيه العامة من الآية.

و (ثانيها) عكس القول المذكور [أي الماهية بشرط لا] ، و هو أنه لا توارث فيه من الجانبين، سواء شرطا التوارث أو عدمه، أو لم يشترط شيئا منهما، ذهب إليه أبو الصلاح و ابن إدريس و العلامة في أحد قوليه، و ابنه فخر المحققين، و المحقق الشيخ علي، و الظاهر أنه مذهب أكثر المتأخرين، تمسكا بأصالة العدم، لأن الإرث حكم شرعي يتوقف ثبوته على الدليل، و مطلق الزوجية لا يقتضي استحقاق الإرث، لأن من الزوجات من ترث، و منهن من لا ترث، و الرواية سعيد بن يسار الآتية إن شاء الله تعالى و نحوها رواية عبد الله بن عمر الآتية.

و (ثالثها) إن أصل العقد لا يقتضي التوارث [ أي الماهية لا بشرط وهو يجتمع مع كل شرط ] بل اشتراطه ، فإذا شرط ثبت تبعا للشرط، أما عدم اقتضائه الإرث بدون الشرط فللأدلة المتقدمة، و أما ثبوته مع الشرط فلعموم‌ «المسلمون عند شروطهم». اختاره الشيخ و أتباعه إلا القاضي ابن البراج، و به قطع المحقق و الشهيدان، و ستأتي الأخبار الدالة عليه إن شاء الله تعالى.

و (رابعها) عكسه، و هو أنهما يتوارثان ما لم يشترطا سقوطه، فيكون المقتضي للإرث هو العقد بشرط لا شي‌ء، و لو اشترطا ثبوته كان اشتراطا لما يقتضيه العقد، و إلى هذا القول ذهب المرتضى و ابن أبي عقيل، أما ثبوت التوارث مع انتفاء شرط السقوط، فلعموم الآية، و أما السقوط مع الشرط، فلعموم «المؤمنون عند شروطهم» و قد استدل عليه أيضا بموثقة محمد بن مسلم الآتية إن شاء الله تعالى.و الواجب نقل ما وصل إلينا من روايات المسألة، ثم الكلام فيها بما وفق الله سبحانه فهمه منها”[1].

أقول:

[ الأصل في العقود واقتضاء العقد ]

الأصل في الشروط هو الجواز إلا شرطا حرم حلالا أو حلل حراما، دل عليه صحيح عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ” سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطاً مُخَالِفاً لِكِتَابِ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَ لَا يَجُوزُ عَلَى الَّذِي اشْتُرِطَ عَلَيْهِ، وَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ مِمَّا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ “.

وفي خصوص النكاح ما رواه الشيخ بإسناده عن إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع كَانَ يَقُولُ:‏ ” مَنْ شَرَطَ لِامْرَأَتِهِ شَرْطاً فَلْيَفِ لَهَا بِهِ؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطاً حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَاماً “.

ويجب أن يراد بموافقة مقتضى العقد هو موافقته لحدوده الموضوعة أو الممضاة شرعا بالكتاب والسنة، وأما سيرة العقلاء فلا تثبت بنفسها شيئا ولا تصير حجة حتى مع ضم شرط عدم ردع المعصوم؛ لأن اللازم أعم؛ فقد يكون عدم الردع لمانع أوجبه أو لبعد منع وصوله، مع أننا لا نقول بوجوب البيان على المعصوم في وقت الحاجة دون أن نقول وهو أعلم بها منا، وفي الأخبار الصحيحة أنه ليس عليهم الجواب على كل مسألة بل في الكتاب نهي عن طلب جواب المسألة في غير وقت إبدائها، نعم لو ضم إليها ما يوجب العلم بأنه لو كان الحكم المبتلى به كثيرا على الحظر والتحريم لعُلم وبان؛ لدخل هذا في تقرير المعصوم الكاشف عن الحجية لا في دليل العقل وسيرة العقلاء بما هم عقلاء.

وإلا فليس لهذا المصطلح أثر في الشرع، ولعل أول من استعمله منا هو الشيخ في كتابه المبسوط، وهو جري على فقه المذاهب الأخرى[2].

غير أنهم أرادو بمقتضى العقد مطلق ما ينصرف إليه العقد -دون تصريح به- من شرط مقوم له لولاه لانتفى أثر العقد وصار عبثا كحلية الزوجين بالعقد وكتسلط المتبايعين على العوضين، وأرادوا كذلك غير المقوم من الشروط كالمسمى بالشروط الضمنية والحالية ومثلها نفقة الزوجة قبل زفافها على أبيها، وأهملوا حدودها حتى عظم الاختلاف فيها وهو أمر طبعي لاختلاف البيئات والعادات في مطلق العقود.

وقد مر عليك -عند بيان وجوب العمل بالشروط المذكورة في العقد دون السابقة عليه- أن الشروط غير المقومة للعقد يشترط في لزومها أن تذكر في العقد بين الإيجاب والقبول بمبرز ظاهر صريح، وما قبل العقد من الشروط إنما هي وعد ومقاولة يهدمها العقد إذا لم تذكر وتقبل، بمعنى عدم إلزام المتعاقدين بها.

وعليه، فالشروط الماضية المشروعة الملزمة، هي المحصورة بما وافق الكتاب والسنة القطعية وذكرت صريحا في العقد بين الإيجاب والقبول، ولا بأس بالتمسك باقتضاء العقد لها بنفسه إذا كان شرطا مقوما لأن بانتفائه ينتفي أصل العقد ويكون محض عبث، ولا شك كذلك في أن بعض ضروب الشروط مؤكدة للعقد ليس إلا كاشتراط أن يكون النكاح على سنة الله ورسوله وأنه بمهر معين.

الشرط في كتاب الله:

ولعرض هذا الشرط على كتاب الله عز وجل، نجد الموضعين:

في آية النكاح: النساء :  24-25 ( وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنينَ غَيْرَ مُسافِحينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَريضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَريضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَليماً حَكيما ).

لكن التراضي فيها مفسر بتجديد العقد بأجل جديد لا مطلق التراضي، قد روى العياشي بسنده عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي الْمُتْعَةِ قَالَ: ” نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ )، قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ تَزِيدَهَا وَ تَزِيدَكَ إِذَا انْقَطَعَ الْأَجَلُ بَيْنَكُمَا، فَتَقُولَ: اسْتَحْلَلْتُكِ بِأَمْرٍ آخَرَ بِرِضًا مِنْهَا، وَ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَ عِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ “.

وَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع: ” أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ )، فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ يُحْدِثَ شَيْئاً بَعْدَ الْأَجَلِ “.

ولو فرض أن المراد بالتراضي هو الشروط؛ فلا شك في إجمالها بالنسبة لتفاصيل المحلل منها والمحرم، وتتكفل تفسيرها الآيات والروايات إن وجدت؛ هذا مع أن المفروض أن مسألة الإرث مما يقع الابتلاء به والسؤال عنه بكثرة، فيبعد أن لا يبين في آية أو رواية.

وآية إرث الأزواج: النساء :  12 ( وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْن‏ ).

وإطلاقها يشمل عنواني الزوجة الدائم والمتعة، وصراحتها واضحة؛ إلا أن القطع بإحكامها في الإطلاق مجازفة.

كما أن توريث غير من ذكر في كتاب الله سبحانه وإدخال غيرهم عليهم تشريع محرم، وباطل بالضرورة.

وعلى هذا فالشرط في كتاب الله سبحانه إن كان في آيات النكاح فلا يمكن استظهار تسويغه، وإن كان في آيات الإرث فكذلك للإجمال وحرمة الاحتجاج بظاهر الآيات المتشابه دلالتها دون الرجوع للمحكم أو المفسر من السُّنة.

ويمكن القول في هذا المحل أن روايات إرث المتمتع بها إما أن يراد بالإرث معناه اللفظي بمعنى أن يكون لها نصيب من أمواله بعد الموت على مثال أن العلماء ورثة الأنبياء أو أن فلانا ورث أمواله المساكين؛ إذ قد يرث غير الوارث، ويصرف لها من الثلث وصية؛ هذا إذا لم يتعين اللفظ في الانصراف لإرث الورثة من أهله وذراريه، أو قامت قرينة على تعين على هذا المعنى في زوجة المتعة.

أو أن تكون محمولة على الاتقاء ممن يرى تحريمها.

وكلاهما احتمالان يردان في هذه المسألة ، إلا أنه لا دليل ولا قرينة عليهما تؤيدهما.

فاحتاجت الزوجة المتمتع بها إلى ما يثبت ميراثها -المصطلح- من أدلة صريحة في الأخبار المعصومة، وهي على أربع طوائف:

ما يدل على عدم اقتضاء المتعة للإرث في نفسها:

موثقة السكوني:

فمنها ما دل على تمايز نكاح المتعة عن غيره بعدم اقتضائه للإرث وهي كثيرة، كالمروي في الكافي في باب (وُجُوهِ النِّكَاحِ) عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «يَحِلُّ الْفَرْجُ بِثَلَاثٍ: نِكَاحٍ بِمِيرَاثٍ، وَ نِكَاحٍ بِلَا مِيرَاثٍ، وَ نِكَاحِ مِلْكِ الْيَمِينِ».

رواية عبد الله بن عمرو:

وما رواه بسنده عن مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: ” سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ: حَلَالٌ لَكَ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، قُلْتُ: فَمَا حَدُّهَا ؟ قَالَ: مِنْ حُدُودِهَا أَنْ لَا تَرِثَهَا وَ لَا تَرِثَكَ، قَالَ: فَقُلْتُ: فَكَمْ عِدَّتُهَا ؟ فَقَالَ: خَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ يَوْماً أَوْ حَيْضَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ “.

وهي ضعيفة الإسناد بعبد الله بن عمرو المجهول وباقي رجالها ثقات بل أجلة، وهذا كاف في الاعتماد، وظاهرها بيان ما بنيت عليه لا عدم جواز شرط الإرث فيها.

مرسلة ابن أبي عمير:

وما رواه الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «لَا بَأْسَ بِالرَّجُلِ‏ يَتَمَتَّعُ بِالْمَرْأَةِ عَلى‏ حُكْمِهِ‏[3]، وَ لكِنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئاً؛ لِأَنَّهُ إِنْ حَدَثَ‏ بِهِ حَدَثٌ، لَمْ يَكُنْ‏ لَهَا مِيرَاثٌ‏[4]».[5]

دلت على استحباب إمتاعها تفضلا حتى لا تخلو عن مال المهر ومال الإرث معا.

رواية زرارة:

ما رواه الأشعري في كتاب النوادر عن النَّضْرُ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: ” عِدَّةُ الْمُتْعَةِ خَمْسٌ‏ وَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَعْقِدُ بِيَدِهِ خَمْسَةً وَ أَرْبَعِينَ يَوْماً فَإِذَا جَازَ الْأَجَلَ كَانَتْ فُرْقَةً بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَزْدَادَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُصْدِقَهَا شَيْئاً قَلَّ أَوْ كَثُرَ فِي تَمَتُّعٍ أَوْ تَزْوِيجٍ غَيْرِ مُتْعَةٍ وَ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَ لَهُ أَنْ يَتَمَتَّعَ وَ لَهُ امْرَأَةٌ إِنْ شَاءَ وَ إِنْ كَانَ مُقِيماً فِي مِصْرِهِ‏[6][7].

معتبرة أبان بن تغلب:

وما رواه الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: ” قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ أَقُولُ لَهَا إِذَا خَلَوْتُ بِهَا ؟ قَالَ: تَقُولُ أَتَزَوَّجُكِ مُتْعَةً عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ص لَا وَارِثَةً وَ لَا مَوْرُوثَةً كَذَا وَ كَذَا يَوْماً وَ إِنْ شِئْتَ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً بِكَذَا وَ كَذَا دِرْهَماً وَ تُسَمِّي مِنَ الْأَجْرِ مَا تَرَاضَيْتُمَا عَلَيْهِ قَلِيلًا كَانَ أَمْ كَثِيراً، فَإِذَا قَالَتْ: نَعَمْ فَقَدْ رَضِيَتْ فَهِيَ امْرَأَتُكَ وَ أَنْتَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، قُلْتُ فَإِنِّي أَسْتَحْيِي أَنْ أَذْكُرَ شَرْطَ الْأَيَّامِ، قَالَ: هُوَ أَضَرُّ عَلَيْكَ، قُلْتُ: وَ كَيْفَ ؟ قَالَ: إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَشْتَرِطْ كَانَ تَزْوِيجَ مُقَامٍ وَ لَزِمَتْكَ النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ وَ كَانَتْ وَارِثَةً وَ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَهَا إِلَّا طَلَاقَ السُّنَّةِ “[8].

لكنه محمول على تأكيد لازم المائز من الحدود ليقع التأكيد على أنه نكاح متعة لا دائم بقرينة فهم أبان أنه ينعقد بغير هذا الشرط إذا ذكر الأيام، وتأكيد الإمام ع على أن ترك اشتراط الأجل يلزم منه الإرث، فهي ظاهرة في أن نكاح المتعة لا يقتضي الإرث وساكتة عن حكم اشتراطه.

ما يظهر منه بطلان الشرط:

صحيحة سعيد بن يسار:

ما رواه الشيخ بسنده عن مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ مُتْعَةً وَ لَمْ يَشْتَرِطِ الْمِيرَاثَ، قَالَ: لَيْسَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ اشْتَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ “[9].

ولا إشكال في سنده إلا من جهة الحسن بن موسى الذي لم يرد فيه شيء، والأقوى صحة الاعتماد على أخباره؛ لانضمام عدم الغمز فيه ولا في أخباره مع عمل المشايخ كالبيزنطي وابن أبي عمير وصفوان عنه.

لكن قال الشيخ بعده أن المراد به أنها لا ترث سواء شرط عدم الإرث أو ترك الاشتراط لأن عقد المتعة مبني على عدم الإرث إلا أن يشترط، قال رحمه الله: ” هَذَا الْخَبَرَ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا مِيرَاثٌ وَ إِنَّمَا يَحْتَاجُ ثُبُوتُهُ إِلَى شَرْطٍ لَا ارْتِفَاعُهُ”.

وهو معنى قريب مؤيد بأخبار الطائفتين الآتيتين، لكنه معارض باحتمال إرادة نفي صحة الشرط مطلقا من ظاهر تأكيد التفي بتقديمه في جوابه ع، ولا يدفعه إلا صريح الطائفة الآتية في صحة وقوعه.

ما هو صريح في صحة الشرط:

صحيحة البيزنطي:

ما رواه الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ:

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «تَزْوِيجُ الْمُتْعَةِ نِكَاحٌ بِمِيرَاثٍ وَ نِكَاحٌ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ، فَإِنِ اشْتَرَطَتْ‏  كَانَ، وَ إِنْ لَمْ تَشْتَرِطْ[10] لَمْ يَكُنْ‏».[11]

وهو صریح في صحة الشرط ومضيه ووجوب الوفاء به، ولابد من تقييده بأن تكون زمان الموت متعلقة بالزوجية.

صحيحة محمد بن مسلم:

وما رواه الشيخ بسنده عن الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: ” سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع كَمِ الْمَهْرُ يَعْنِي فِي الْمُتْعَةِ ؟ فَقَالَ: مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ إِلَى مَا شَاءَ مِنَ الْأَجَل،ِ قُلْتُ: أَ رَأَيْتَ إِنْ حَمَلَتْ، فَقَالَ: هُوَ وَلَدُهُ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَمْراً جَدِيداً فَعَلَ وَ لَيْسَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْهُ وَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ خَمْسٌ وَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً، وَ إِنِ اشْتَرَطَتِ الْمِيرَاثَ فَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا “[12].

ما يظهر منه صحة الشرط:

موثقة محمد بن مسلم:

ما رواه الكليني في باب الميراث عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ[13]، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ‏ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ مُتْعَةً: «إِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ مَا[14] لَمْ يَشْتَرِطَا[15]، وَ إِنَّمَا الشَّرْطُ بَعْدَ النِّكَاحِ».[16]

والاحتمال الأقوى بل الأظهر من هذا التركيب كون المراد بعدم الاشتراط هو ترك ذكر الأجل في العقد؛ لرواج استعمال الشرط في الأجل في عقد المتعة، فيكون المقصود هو نكاح المقام الدائم كما تقدم في صحيحة أبان بن تغلب، وتكون دالة على المائز بين النكاحين وأجنبية عن جواز اشتراط الإرث وعدمه، غير نافية ولا مثبتة له.

وبهذا الجواب أجاب الشيخ عن رواية الكليني التي جعلها في باب المتعة وظاهره العمل بها، قال في التهذيب: ” فَالْمُرَادُ بِهَذَا الْخَبَرِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطَا الْأَجَلَ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ دُونَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ شَرْطَ الْمِيرَاث‏”.[17]

هذا بالنسبة إلى الروايات.

وأما تاريخيا، فأقدم موقف في المسألة لأصحابنا هو ما رواه الكليني مرفوعا في حديث مؤمن الطاق مع أبي حنيفة في مسألة المتعة، أدرجها شيخنا السيد الزنجاني أدام الله فوائده في ضمن القائلين بعدم صحة التوارث فيه حسب ما يظهر من بيانه في مجلس درسه، والصحيح أنها في مقام نفي التوارث كشرط مقوم لا نفي قابليته للاشتراط، فلاحظ، مع أن فيها غرابة من جهة المجاهرة بهذه العقيدة، فلا تعدو رواية الكليني الحكاية وهي صالحة للتأييد والاستشهاد بلا شك.

قال الكليني رحمه الله:

عَلِيٌّ رَفَعَهُ، قَالَ: سَأَلَ أَبُو حَنِيفَةَ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ صَاحِبَ الطَّاقِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، مَا تَقُولُ فِي الْمُتْعَةِ؟ أَ تَزْعُمُ أَنَّهَا حَلَالٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْمُرَ نِسَاءَكَ أَنْ‏ يُسْتَمْتَعْنَ وَ يَكْتَسِبْنَ عَلَيْكَ‏؟

فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: لَيْسَ كُلُّ الصِّنَاعَاتِ يُرْغَبُ فِيهَا وَ إِنْ كَانَتْ حَلَالًا، وَ لِلنَّاسِ أَقْدَارٌ وَ مَرَاتِبُ يَرْفَعُونَ أَقْدَارَهُمْ، وَ لكِنْ مَا تَقُولُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ، فِي النَّبِيذِ؟ أَ تَزْعُمُ أَنَّهُ حَلَالٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُقْعِدَ نِسَاءَكَ فِي الْحَوَانِيتِ نَبَّاذَاتٍ، فَيَكْتَسِبْنَ عَلَيْكَ؟

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَاحِدَةٌ بِوَاحِدَةٍ، وَ سَهْمُكَ أَنْفَذُ.

ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، إِنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي‏[18] «سَأَلَ سَائِلٌ»[19] تَنْطِقُ‏ بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ، وَ الرِّوَايَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَدْ جَاءَتْ بِنَسْخِهَا.

فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ، إِنَّ سُورَةَ «سَأَلَ سَائِلٌ» مَكِّيَّةٌ، وَ آيَةَ الْمُتْعَةِ مَدَنِيَّةٌ، وَ رِوَايَتَكَ شَاذَّةٌ رَدِيَّةٌ.

فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: وَ آيَةُ الْمِيرَاثِ أَيْضاً تَنْطِقُ بِنَسْخِ الْمُتْعَةِ.

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ ثَبَتَ‏ النِّكَاحُ‏ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ ذَاكَ‏؟

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْهَا، مَا تَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: لَاتَرِثُ مِنْهُ، قَالَ: فَقَدْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ‏[20]، ثُمَّ افْتَرَقَا.

 

 

 

الحاصل:

فظهر أنهما لو اشترطا التوارث في عقد نكاح المتعة لزمه واستحقت نصيب الزوجات منه إذا مات عنها بصفة الزوجية؛ فتوافق بهذا الآيات والروايات.

وظهر أن آيات المتعة لا تدل على أكثر من شروط انعقاد عقد المتعة من الأجل والمهر، وأن غيرها ليس من مقتضياته وشروطه المقومة، فلا تتنافى و اشتراط غيره.

وآيات الإرث وإن دلت على إرث الزوجة بعنوان الزوجية المطلق إلا أن الشرط لا يصدق عليه مخالفة الكتاب؛ لأن الإطلاق اللفظي الكتابي أو السني في حكم المجمل المتشابه مع الشك في دخول غير المتيقن من أفراده ويفتقر للقرينة لتعيين المراد منه، أما القدر المتيقن منها وهو الدائم فشمول الحكم لها قطعي بل في خبر الكافي في حديث مؤمن الطاق دلالة على أنه كنكاح الكتابية مما لا يثبت فيه الإرث وأن الآية في مقام بيان حكم إرث الزوجة الدائمة، فيجب رد الآي في الباقي لمن خوطب بها ليرفع النزاع فيه، وقدر رأيت أنه لم ينهض على منع الاشتراط مانع يقاوم صراحة أدلة صحة اشتراط الإرث ولزومه.

 

[1] الحدائق 24: 175-177، وأخذه من كلام الشهيد في المسالك.

[2] قال الشيخ في المبسوط / مسألة تفريق الصفقة واختلاف المتبايعين 2: 149: ” إذا اشترى جارية بشرط ألا خسارة عليه أو بشرط ألا يبيعها أو لا يعتقها أو لا يطأها و نحو ذلك كان البيع صحيحا والشرط باطلا . و الشرط في البيع على أربعة أضرب : شرط يوافق مقتضى العقد فهو تأكيد للعقد ، وشرط يتعلق به مصلحة العقد للمتعاقدين مثل الأجل والخيار والرهن والضمين والشهادة فهذا جايز ، وشرط لا يتعلق به مصلحة العقد لكنه بني على التغليب والسراية مثل شرط العتق فهذا جايز والعقد جايز إجماعا . وشرط لا يتعلق به مصلحة العقد ولم يبن على التغليب والسراية فهذا شرط باطل إلا أنه لا يبطل العقد لأنه لا دليل عليه ، وقال قوم ، إن الشرط إذا كان فاسدا فسد البيع لجهالة الثمن في المبيع لأنه لا يخلو من أن يكون الشرط يقتضي الزيادة في الثمن أو النقصان منه فإن كان يقتضي الزيادة في الثمن فإذا سقط الشرط يجب أن يسقط ذلك القدر

من الثمن وذلك مجهول ، وإن كان يقتضي النقصان فإذا سقط وجب أن يضاف ذلك القدر إلى الثمن وصير [ فيصير خ ل ] الثمن مجهولا لأن نقصان جزء مجهول من معلوم يجعل الجميع مجهولا “.

أقول: ومثله ما في كتاب الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي لأبي الحسن الماوردي ( ت450 هـ) وهو شرح مختصر المزني (إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل، أبو إبراهيم المزني المتوفى 264هـ )، قال فيه / ط دار الكتب العلمية ط1 5: 312: ” باب البيع الفاسد

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: ” إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا خَسَارَةَ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ “.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْبَيْعِ إِنَّمَا يُؤَثِّرُ إِذَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ فَأَمَّا إِنْ تَقَدَّمَهُ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ شَرْطًا وَإِنَّمَا يَكُونُ وَعْدًا أَوْ خَبَرًا. وَالشُّرُوطُ الْمُقْتَرِنَةُ بِالْعَقْدِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا كَانَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَوَاجِبَاتِهِ كَاشْتِرَاطِ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ وَسَلَامَةِ الْمَبِيعِ وَضَمَانِ الدَّرْكِ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ وَاجِبَةٌ بِالْعَقْدِ وَاشْتِرَاطُهَا تَأْكِيدٌ فِيهِ وَالْعَقْدُ لَازِمٌ بِهَا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَمُبَاحَاتِهِ كَاشْتِرَاطِ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَخِيَارِ الثَّلَاثِ فَهَذَا وَمَا شَاكَلَهُ لَازِمٌ بِالشَّرْطِ دُونَ الْعَقْدِ لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْعَقْدِ لَا يَقْتَضِيهِ وَاشْتِرَاطَهُ فِي الْعَقْدِ لَا يُنَافِيهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا كَانَ مِنْ مَوَانِعِ الْعَقْدِ وَمَحْظُورَاتِهِ. وَهُوَ: كُلُّ شَرْطٍ مَنَعَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ وَاجِبٍ أَوْ أَلْزَمَ الْبَائِعَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَالَّذِي مَنَعَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ وَاجِبٍ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَهَا وَلَا تَطَأَهَا، أَوْ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى أَنْ لَا تَسْكُنَهَا وَلَا تُؤَاجِرَهَا أَوْ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى أَنَّنِي أَرْكَبُهَا دُونَكَ، أَوْ بِعْتُكَ هَذِهِ الْمَاشِيَةَ عَلَى أَنَّ نِتَاجَهَا وَلَبَنَهَا لِي دُونَكَ، أَوْ بِعْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّنِي أَزْرَعُهَا سَنَةً. وَأَمَّا الَّذِي أَلْزَمَ الْبَائِعَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ. فَهُوَ أَنْ يَقُولَ قَدْ بِعْتُكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَلَى أَنْ لَا خَسَارَةَ عَلَيْكَ فِي ثَمَنِهَا أَوْ عَلَى أَنَّنِي ضَامِنٌ لَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ رِبْحِهَا أَوْ بِعْتُكَ هَذَا النَّخْلَ عَلَى أَنَّنِي كَفِيلٌ بِمِائَةِ وَسَقٍ مِنْ ثَمَرِهَا، أَوْ بِعْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ على أنني قيم لعمارتها وَزِرَاعَتِهَا. فَهَذَانِ الضَّرْبَانِ وَمَا شَاكَلَهُمَا مِنَ الشُّرُوطِ بَاطِلَةٌ وَالْعَقْدُ بِاشْتِرَاطِهَا فِيهِ بَاطِلٌ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ.

وَذَهَبَ ابْنُ سِيرِينَ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ إِلَى أَنَّهَا شُرُوطٌ لَازِمَةٌ وَالْعَقْدُ مَعَهَا ثَابِتٌ. وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ وبطلان الشرط “.

والظاهر أن اسم المبسوط مأخوذ من أحد كتب أصحاب أبي حنيفة وأولها المبسوط للشيباني، أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني (المتوفى: 189هـ)، ممن مدحه وعظمه الشافعي وذكر مسائله بعده، وله كتاب الحجة على أهل مدينة، وفيه مثل المسألة قال 2: 525: ” بَاب الرجل يَشْتَرِي الامة وَيشْتَرط عَلَيْهِ ان لَا يَبِيعهَا – اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من اشْترى جَارِيَة على شَرط ان لَا يَبِيعهَا وَلَا يَهَبهَا أَو مَا اشبه هَذَا من الشُّرُوط فانه لَا يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي ان يَطَأهَا للشّرط لانه لَا يملكهَا ملكا تَاما لانه قد اسْتثْنى عَلَيْهِ فِيهَا مَا ملكه بيد غَيره فَإِذا دخل هَذَا الشَّرْط لم يصلح وَكَانَ البيع بيعا مَكْرُوها وَكَذَلِكَ قَالَ أهل الْمَدِينَة فِي هَذَا بقول أبي حنيفَة وَقد قَالَ غَيرنَا وَغَيرهم ان البيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل “.

[3] في الوافي:« على حكمه، أي على أن يعطيها ما شاء من غير تعيين للمهر حين العقد».

[4] في المرآة:« ظاهر أكثر الأصحاب اتّفاقهم على عدم جواز تفويض البضع في المتعة، و أنّه لا بدّ فيه من تعيين المهر. و يمكن حمل الخبر على أنّها وكّلته في تعيين المهر فعيّنه و أجرى الصيغة بعد التعيين و يكون قوله عليه السلام: لا بدّ أن يعطيها، محمولًا على تأكّد الاستحباب».

[5] رسالة المتعة، ص 14، ح 36؛ و خلاصة الإيجاز، ص 56، الباب 3، مرسلًا عن ابن أبي عمير الوافي، ج 22، ص 669، ح 21921؛ الوسائل، ج 21، ص 75، ح 26570؛ و فيه، ص 67، ح 26548، و تمام الرواية فيه:« إن حدث به حدث لم يكن لها ميراث».

[6] عنه في البحار: 103/ 316 ح 23 و المستدرك: 2/ 590 ح 5 ب 17 و ح 2 ب 18 و ص 591 ح 2 و ص 592 ح 2 و ص 588 ح 3 و أخرجه تقطيعا في الوسائل: 14/ 473 ح 3 عن الكافي: 5/ 458 ح 3 عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، و الفقيه: 3/ 464 ح 4605 بإسناده عن موسى بن بكر و ص 476 ح 4 و ص 472 ح 9 و ص 487 ح 10 و ص 450 ح 6 عن الفقيه نحوه.

[7] النوادر: 83 / ب نكاح المتعة وشروطها.

[8] الكافي 5: 455/ ح3 ب شروط المتعة.

[9] التهذيب 7: 264-265/ ح67 ب تفصيل أحكام النكاح.

[10] في التهذيب:« لم يشترط».

[11] التهذيب، ج 7، ص 264، ح 1139؛ و الاستبصار، ج 3، ص 149، ح 546، معلّقاً عن الكليني. قرب الإسناد، ص 362، ح 1295، بسند آخر عن الرضا، عن جعفر عليهما السلام، مع اختلاف يسير الوافي، ج 22، ص 657، ح 21899؛ الوسائل، ج 21، ص 66، ح 26546؛ و ج 26، ص 230، ح 32894.

[12] التهذيب 7: 264/ ح66 ب تفصيل أحكام النكاح.

[13] في التهذيب و الاستبصار:-« عن ابن بكير». و الظاهر ثبوته؛ لعدم ثبوت رواية ابن فضّال- و هو الحسن بن‏عليّ- عن محمّد بن مسلم المتوفّى سنة 150، مباشرة.

[14] في الوسائل و الكافي، ح 9954 و التهذيب و الاستبصار و النوادر:« إذا».

[15] في الوافي:« جعل في التهذيبين متعلّق الشرط في هذا الخبر الآجل دون الميراث مستدلّاً عليه بقوله عليه السلام في رواية ابن تغلب المتقدّمة: إن لم يشترط كان تزويج مقام، جمعاً بين الأخبار، و إنّما كان الشرط المعتبر ما كان بعد النكاح؛ لأنّ الشرط فرع العقد، فما لم يتحقّق الأصل لم يتحقّق الفرع، و البعد يشمل المعنى؛ لأنّه في مقابلة القبل، و هذا الحكم مأخوذ من قوله سبحانه:\i« وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ»\E[ النساء( 4): 24]». و رواية ابن تغلب هي الرواية 9948.

[16] الكافي، كتاب النكاح، باب في أنّه يحتاج أن يعيد عليها الشرط بعد عقدة النكاح، ح 9954. و في التهذيب، ج 7، ص 265، ح 1144؛ و الاستبصار، ج 3، ص 150، ح 550، معلّقاً عن الكليني. النوادر للأشعري، ص 83، ح 186، بسنده عن بكير، عن محمّد بن مسلم الوافي، ج 22، ص 659، ح 21903؛ الوسائل، ج 21، ص 47، ح 26495؛ و ص 66، ح 26547.

[17] التهذيب 7: 265/ ح69 ب تفصيل أحكام النكاح.

[18] في الوافي:« الآية التي في« سَأَلَ سَالِلُ» هي قوله سبحانه: « وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى‏ أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ» المعارج ( 70 ): 29 و 30، و كأنّه لم يعرف أنّ المتمتّع بها من جملة الأزواج، و لمّا تحدّس منه الطاقي أنّه لا يقبل منه هذا، عدل إلى جواب آخر، و هو تأخّر نزول آية الإباحة عن آية التحريم. و العائد في« بنسخها» راجع إلى المتعة لا الآية».

[19] هي سورة المعارج( 70 ). و مراده الآية 31 منها حيث قال: « فَمَنِ ابْتَغى‏ وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ».

[20] في المرآة:« حاصل جوابه أنّ المتعة خارجة عن عموم آية الإرث بالنصوص، كما أخرجتم الكتابيّة عنها بها».