سمك الصافي … هل له فَلَسٌ وهل يحل أكله ؟

سمك الصافي … هل له فَلَسٌ وهل يحل أكله ؟

* محمد علي العريبي – 22 رمضان 1440 هـ

سألتُ الحاج المؤمن -الذي قضى عمره صيادا خبيرا ماهرا- الحاج جعفر محمد حسين عتيق المعاميري حفظه الله عما يقال من أن سمك الصافي ليس له فلس وأن أهل الخليج أحبوه أكله فادعوا أن له فلسا لذلك، فقال أنه لم ير بعينه قط سمكة صافي عليها فلس، لكنه رأى مرات كثيرة فلسا متوهجا نجوميا أو مستديرا تحت سلال الصيد والثلاجات بعد صيده، فلعله ينفضه من بدنه أثناء حركته بعد اصطياده.

أقول:

يكفي في الحكم بالحلية إحراز شرط كونه ذا قشر بشهادة الثقة من أهل الخبرة.

ولا بأس بالاسترسال في توضيح المسألة:

لا يخفى أن المسألة من الموضوعات غير المستنبطة، فلا يرجع فيها إلى الفقيه إلا إذا ورد في الموضوع نص خاص، والحال أنه لا نص في هذا المورد المعين.

فهي من الموضوعات الخارجية التي يناط إحراز تحقق الشرط فيها -أي شرط الحلية من وجود الفلس والتذكية- إلى المكلف نفسه.

الحكم عند اليهود:

يمكن الاستعانة بأبحاث اليهود وعملهم في حصر الأطعمة والأشربة المحللة؛ فهم يشتركون معنا في الحكم باشتراط أن يكون السمك ذا قشر (Scales)، باستثناء الفلس الصغير اللاصق بالجد، ويزيدون شرط أن يكون الكائن البحري له زعانف (Fins)، ومرجعهم الشرعي يسمونه كوشر أو كشروت (بالعبرية כשרות) أي الأطعمة الحلال، وتشددهم في الدين مما ذمهم الله عليه في كتابه.

جاء في التوراة الشفهية:

“These you may eat of the fishes, all that have fins and scales…” (Vayikrah XI:9-12)

“Every creature that has scales will have fins, but there are those which have fins but no scales.”

Leviticus 11:9-10, Deuteronomy 14:9b, Mishna in Talmud Nida 6:9

وإذا رجعنا لموقع clovegarden.com المتخصص في الأطعمة وحكمها، نجده يقول أن سمك الصافي عديم الفلس فليس كوشر، أي ليس حلالا حتى لو كان له فلس وقشر مكروسكوبي أو ناعم، وهي دعوى بعض المؤمنين عندنا، جاء في المصدر:

Rabbitfish …. They have no conventional scales so are not kosher. [https://www.clovegarden.com/ingred/sf_rabbz.html]

تشريح الموضوع:

يتوزع سمك الصافي في شرق العالم حتى شواطئ الخليج وشرق أفريقيا والبحر الأحمر، ففي موقع https://www.aquamaps.org

جاءت خريطة توزيعه على النحو اللآتي:

[https://www.aquamaps.org/receive.php?type_of_map=regular]

وأنواعه كثيرة، ذكرها الموقع المرجعي للأسماك

https://www.fishbase.se

لكنه نصَّ صراحة على أن سمك الصافي يظهر كما أنه ليس له قشور، لكن قد يعثر على بعض أو كثير من القشور الصغيرة في بعض أجزائه.

“cheeks appear to be scaleless but sometimes with few to many, fine, embedded scales on lower 2/3; midline of thorax scaleless between pelvic ridges”. [https://www.fishbase.se/Summary/SpeciesSummary.php?ID=4456&AT=white+spotted+rabbit+fish]

وافقها على ذلك عدة مواقع متخصصة ذكرت أن له قشورا صغيرة، منها:

[http://www.wildsingapore.com]: “A unique feature of this family. It has tiny scales”.

وذكرت نص ما في قاعدة البيانات بعضُ الدراسات التفصلية، كـ

[http://www.fao.org/tempref/docrep/fao/009/y0870e/y0870e27.pdf]

؛ وأن بعض أنواع الصافي -وهو المشهور لدينا- له فلس صغير ضعيف قليل غير واضح أو مسطح، وبعض الأنواع -أغلبها في البحار الأخرى- يغطيها الفلس القوي الواضح.

وفي تفصيل الجسم التشريحي للنوع المشهور عندنا في الخليج قال أن الفلس الدائري صغير جدا يقتصر على قوس الخد، قال:

” Scales cycloid and very small, sometimes absent from isthmus and midthoracic region, and if present on head restricted to suborbital area of cheek”

وهذه الأبحاث لا يترتب عليها شيء إذا كانت تقصد بالقشور أنها القشور المختبرية غير القابلة للرؤية إلا بالاستعانة بالمكبرات الدقيقة.

محل الإشكال:

أن الفلس القليل الناعم جدا، هل يكفي في تحقق شرط الحلية أم لا ؟

الجواب:

كل ما يعده عرف الناس فلسا وقشرا فهو كاف في إحراز شرط الحلية، عدا ما يسلب عنه العرف هذا الإسم كالذي لا يظهر قشره إلا تحت المجاهر والتدقيق الشديد.

وسمك الصافي ليس من هذا الصنف؛ فإن أهل الخبرة من الصيادين المتمرسين يشهدون بأن له قشرا قليلا وقد ينفض الظاهر منه بعد صيده كسمك الكنعد، والأبحاث المتخصصة أثبتت أن له قشرا قليلا قد لا يلحظ -للعين- في بعض أجزائه.

فمثله كالكنعد أو الكنعت؛ روى الطوسي في صحيح حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه ع الحيتان ما يؤكل منها فقال ما كان له قشر قلت ما تقول في الكنعت‏ قال لا بأس بأكله قال قلت: فإنّه ليس له قشر فقال بلى و لكنّها حوت سيّئة الخلق تحتكّ بكلّ شي‏ء فإذا نظرت في‏ أصل أذنها وجدت لها قشرا.

وأزيد عليها ما ذكره المرجع السيد محمد سعيد الحكيم حفظه الله في منهاج الصالحين:

“مسألة2 (في حيوان البحر):  إذا شك في أن للحيوان قشر أو لا حرم أكله. نعم بعض السمك الذي له قشر كثيرا ما يحتك ببعض الاشياء فيسقط قشره، ولذا يبقى عليه شيء من القشر في بعض المواضع التي لا يصلها الحك ويراها الفاحص بالتأمل. وقد تضمنت ذلك الاخبار في سمك أطلقت عليه اسم الكنعت. وأكده في زماننا بعض المستفتين. وعن بعضهم تأكيد ذلك في نوعين من السمك يطلق عليهما (الصافي) و(المزلق). وعلى كل حال فما كان من هذا النوع من السمك حلال. وينبغي التأكد منه”. انتهى ( أي إذا لم يعلمه المكلف).

فهو -بحمد الله- مما أحله الله سبحانه وأباح بيعه وطيب أكله.

محمد علي العريبي

للتحميل PDF:

https://tinyurl.com/saffi-aloraibi

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.