عدة المتمتع بها

عدة المتمتع بها

  • محمد العريبي – 12-19 ذي القعدة 1473 هـ / 16-23 – 8 – 2016 م
  • للتحميل: من هنا

اختلف فقهاؤنا في عدة المتمتع بها متى ما دخل بها على أقوال أربعة:

الأول: أنها حيضتان، فإن كانت في سن من تحيض و لا تحيض فخمسة و أربعون يوما.

الثاني: أنها حيضة و نصف، و هو مذهب الصدوق في المقنع حيث قال: و إذا تزوج الرجل امرأة متعة ثم مات عنها فعليها أن تعتد أربعة أشهر و عشرة أيام، و إذا انقضت أيامها و هو حي فحيضة و نصف مثل ما يجب على الأمة، و إن مكثت عنده أياما فعليها أن تحد و إن كانت عنده يوما أو يومين أو ساعة من النهار فتعتد و لا تحد، انتهى.

الثالث: أنها حيضة واحدة، وحكي عن ابن أبي عقيل العماني. والمروي عن زرارة أنه كان يحلف على أنه الحق.

الرابع: أنها طهران.

فالاختلاف في الحقيقة في ذات الأقراء، وأما من لا عادة لها أو كانت ممن لا تحيض وهي في سن من تحيض فالأمر فيها ليس بذات الإشكال، وقد نشأ من اختلاف الأخبار، وأوجب الشيخ يوسف رحمه الله الاحتياط بالعمل بأخبار الحيضتين، والأقوى العمل على أخبار اعتدادها بأقرب الأمرين إما حيضة أو خمس وأربعون يوما والأحوط خمس وأربعون ليلة.

وتفصيل الكلام في الأدلة يقتضي مقدمتين قبله؛ الأولى في التمسك بالعلة والحكمة المنصوصة، والثانية في دعوى تنزيل المتمتعة منزلة الأمة في كل أحكام عدتها.

العلة التي فرقت بين عدة المتمتع بها والزوجة الدائم:

والاهتمام بأخبار العلل أو الحِكَم مما يعين في معرفة التوجه العام للتشريع، ويقوي أسباب الاطمئنان بالوجه الأقوى من دلالة الأحكام الشرعية المرسومة تارة على جهة العلة المصلحية التكوينية أو على محض التعبد والابتلاء الاختباري للعباد من الله سبحانه وتعالى.

ولو كان بين أيدينا علة واضحة تبين لنا الفرق بين وجوب اعتداد الدائم ثلاثة قروء ووجوب غير ذلك في المتمتع بها أو الإماء لكانت خير معين على فهم النصوص وتوجيهها، بل صارت دليلا على أي وجه هو الحكم، أعني كونه تعبديا محضا ونفسيا له موضوعية كعدة الحداد على قول، أو طريقيا لفائدة برء الرحم من ماء الأول لا موضعيا.

فمن كان يقطع ببراءة رحمها كالصغيرة واليائسة لا عدة لهما لانتفاء موضوع الحمل وقابليته عندهما، مثلها تماما من قطع بخلو رحمها عن ماء الرجل أو الحمل أو من أزيل رحمها ولم تبلغ سن اليأس؛ فالمدار على العلم بالنقاء وهو علة جواز النكاح اللاحق.

 التفريق بين العلة وحكمة التشريع:

و قد قيل أنها حكمة تشريع ومن معرفات الحكم لا علة تامة له ولا تمام الملاك للتشريع عند المشهور وجعلوه الأصل في كل تعليل شرعي؛ والصحيح أن المدار على التفريق -بين العلة التي تكون في قوة العموم ويدور عليها الحكم، والحكمة التي تبين بعض أغراض التشريع وقد تنتفي في بعض موارده- هو ظهور الخطاب الشرعي المبين لها والآمر بها وما احتف به من قرائن تصرف أداة التعليل أو أسلوبه إلى السبب غير التام إن وجد، أما دعوى أن غلبة كون العلل معرفات وكواشف عن جزء العلة والملاك فلو سلمت، فلا تثبت بنفسها أصلا يلغي ظهور الدليل ذو العلة.

العلل المروية في العدد:

قاعدة ” العدة من ماء “

أما أعم الأحاديث في علة الاعتداد، فالصحيح الذي رواه الكليني عن مُحَمَّد بْن يَحْيى‏، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ:

عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: «الْعِدَّةُ مِنَ‏ الْمَاءِ[1]».[2]

والمراد منه أن العدة احتياط للحمل من ماء الأول حتى يستبين حاله عند الشك، ويزيد تفسيرا له ما رواه رحمه الله عن:

مُحَمَّد بْن يَحْيى‏، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَأَلَهُ أَبِي- وَ أَنَا حَاضِرٌ- عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَمَسَّهَا وَ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهَا حَتّى‏ طَلَّقَهَا: هَلْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مِنْهُ؟

فَقَالَ: «إِنَّمَا الْعِدَّةُ مِنَ‏ الْمَاءِ[3]».

قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَ وَاقَعَهَا فِي الْفَرْجِ وَ لَمْ يُنْزِلْ؟

فَقَالَ‏: «إِذَا أَدْخَلَهُ، وَجَبَ الْغُسْلُ وَ الْمَهْرُ وَ الْعِدَّةُ».[4]

ومفاد الجملة الأخيرة تطبيق للقاعدة، ومفهومها – الذي ينعقد بين الضدين الدخول وعدمه – أنه إن لم يدخل لم يجب لأنه لا ماء يحتمل قراره في الرحم إذا انقطعت أسبابه.

ومن تطبيقات قاعدة ” العدة من الماء  “:

ومن تطبيقات تلك القاعدة ما ورد صريحا من أخبار الصغيرة واليائسة والحامل، فمنها:

عدة الصغيرة واليائس:

مُحَمَّد بْن يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحَدِهِمَا ع‏ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ الصَّبِيَّةَ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ وَ لَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا وَ قَدْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَدْ يَئِسَتْ مِنَ الْمَحِيضِ وَ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا فَلَا يَلِدُ مِثْلُهَا قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمَا عِدَّةٌ وَ إِنْ دَخَلَ بِهِمَا.

عدة الحامل بنقاء الرحم من الحمل:

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ الْحَلَبِيِّ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «طَلَاقُ الْحُبْلى‏ وَاحِدَةٌ، وَ أَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، وَ هُوَ أَقْرَبُ الْأَجَلَيْنِ».[5]

حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ[6]، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ هَاشِمٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ:

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْحُبْلى‏ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَوَضَعَتْ سِقْطاً- تَمَّ أَوْ لَمْ يَتِمَّ- أَوْ وَضَعَتْهُ مُضْغَةً؟

قَالَ‏: «كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَضَعَتْهُ‏ يَسْتَبِينُ‏ أَنَّهُ حَمْلٌ- تَمَّ أَوْ لَمْ يَتِمَّ- فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَ إِنْ كَانَتْ‏ مُضْغَةً».[7]

استبراء رحم الأمة المشتراة:

مُحَمَّد بْن يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَخِيهِ الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً وَ هِيَ طَامِثٌ أَ يَسْتَبْرِئُ رَحِمَهَا بِحَيْضَةٍ أُخْرَى أَمْ تَكْفِيهِ هَذِهِ الْحَيْضَةُ قَالَ لَا بَلْ تَكْفِيهِ هَذِهِ الْحَيْضَةُ فَإِنِ اسْتَبْرَأَهَا بِأُخْرَى فَلَا بَأْسَ هِيَ بِمَنْزِلَةِ فَضْلٍ‏[8][9].

العلتان في الأدلة :

الأولى: نقاء الرحم

فإذا علمنا أن علة عدم اعتداد الصغيرة واليائسة هو اليقين باستحالة الحمل تطبيقا لقاعدة أن العدة من الماء، فإن من المقطوع به أن من علل حُكم العدة هو استبراء الرحم من ماء الزوج الأول تحرزا عن اختلاط الأنساب.

ويشهد له ما رواه الكليني عن مُحَمَّد بْن يَحْيى‏، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى‏، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: الرَّجُلُ يَفْجُرُ بِالْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا، هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذلِكَ‏[10]؟

قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا هُوَ اجْتَنَبَهَا حَتّى‏ تَنْقَضِيَ‏ عِدَّتُهَا بِاسْتِبْرَاءِ رَحِمِهَا مِنْ مَاءِ الْفُجُورِ[11]، فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَ إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ‏ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ يَقِفَ عَلى تَوْبَتِهَا»[12]، ومثله غیره.

وفي نص آخر التعبير باستبانة الحمل من عدمه، كما في الكافي عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى‏، عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ:

سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرى‏ جَارِيَةً، وَ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ: أَ يَسْتَبْرِئُ رَحِمَهَا؟

قَالَ: «نَعَمْ».

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَحِضْ؟

فَقَالَ‏: «أَمْرُهَا شَدِيدٌ، فَإِنْ هُوَ أَتَاهَا[13] فَلَا يُنْزِلِ الْمَاءَ حَتّى‏ يَسْتَبِينَ‏ أَ حُبْلى‏ هِيَ، أَمْ لَا؟».

قُلْتُ: وَ فِي كَمْ تَسْتَبِينُ لَهُ؟

قَالَ: «فِي خَمْسَةٍ وَ أَرْبَعِينَ يَوْماً».[14]

والمحمول وجوب استبراء الرحم فيها حتى بغير وطء على كونها قد دخل بها ووقع الاستمتاع من صاحبها وقد يسبق ماؤه لها.

والخبران المذكوران -مع ما قيل فيهما من مشكلات دلالية- إلا أن مفادهما يصلح للاستشهاد على العلة المذكورة من نقاء الرحم من الماء أو الولد.

وبملاحظة تلك الأخبار الكثيرة المعللة لوجوب الاعتداد بنقاء الرحم، فإن احتمال خصوصية الموارد المختلفة المذكورة بالنسبة للاعتداد احتياطا قوي جدا بلحاظ زمان صدور النص وخطاب التكليف بها؛ لتعذر استكشاف نقاء الرحم حينها إلا بالصبر تلك المدة، فلا يثبت إطلاقٌ يعم الموارد التي تجدد طرق كشف حالها عبر الزمان وصارت قابلية القطع بالنقاء ممكنة، ولا يعم أيضا تلك الموارد التي يستحيل معها الحمل بمرض أو استئصال عضو حتى بالنسبة إلى الرجل، فيكون وجوب الاعتداد طريقيا بهذا اللحاظ.

كذلك لا يحتمل أن تكون الخصوصية للعنوان العارض على النساء كالحرة أو الأمة أو الدائم أو المنقطع دون واقع أمرها من حيث الخلو من الماء؛ لأنها غير ذي أثر بالنسبة لخصائص الأرحام المختلفة نقاء واشتغالا، فتأمل.

واحتمال خصوصية المُطلَّقة بعنوانها لا بالمعنون، يدفعه صدق المُطلَّقة على الصغيرة واليائس أيضا، ولا عدة عليهما.

نعم، خصوصية عنوان المطلقة التي تحيض أو لها قابلية الحمل محتمل من وجه آخر يأتي، وعدة الوفاة للحداد كذلك؛ لأنه مترتب على موت الزوج إضافة لنقاء الرحم بالنسبة لذوات الرحم غير العاطل.

 كاشفية اختلاف ذات الأقراء عن ذات الأشهر:

ويمكن أن يشهد لطريقية حكم العدة وكاشفيته عن نقاء الرحم الذي هو تمام موضوع حكم الاعتداد منضما للعلتين المرويتين، اختلاف حكم عدة ذات الأقراء عن ذات الأشهر؛ إذ لا شك أن النقاء هو الغاية لتي تعبد بها الشارع المكلفين شرطا في صحة النكاح؛ فإن المهلة الزمانية في ذات الأشهر يستبان منها الحمل بالعوارض، وأقوى كشفا منها دفع الرحم دم حيضه في ذات الأقراء.

الاستدلال بصحيحة زرارة على أن التعليل لبيان الحكمة:

نعم؛ قد يقال: أنه يحتمل أن يكون الحكم النفسي التكليفي مستظهرا من الأدلة المختلفة المفرقة في العِدد لكل صنف على وجه لا يمكن أن تجمعهما علة فاردة، ومن أجمعها ما رواه الشيخ بسنده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: ” سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع مَا عِدَّةُ الْمُتْعَةِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا الَّذِي تَمَتَّعَ بِهَا ؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ عَشْرٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: يَا زُرَارَةُ كُلُّ النِّكَاحِ إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ فَعَلَى الْمَرْأَةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ النِّكَاحُ مِنْهُ مُتْعَةً أَوْ تَزْوِيجاً أَوْ مِلْكَ يَمِينٍ فَالْعِدَّةُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً.

وَ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَ الْأَمَةُ الْمُطَلَّقَةُ عَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ وَ كَذَلِكَ الْمُتْعَةُ عَلَيْهَا مِثْلُ مَا عَلَى الْأَمَةِ “.

فتكون العناوين دخيلة في الحكم تعبدا، كالممحتدة والمطلقة الحرة والمطلقة الأمة والمتمتعة، وأن العلة المذكورة من نقاء الرحم حكمة تشريع لا علة تامة للحكم ولا تمام الموضوع له.

استبعاد حمل الاعتداد على التعبد المحض:

ويمكن دفع هذا القول بعدم الدليل الصريح عليه من ظاهر الأدلة إلا الأصل وهو موضوعية العناوين في خطابات الأحكام الشرعية، وهو بلا شك أصل أصيل في الخطابات الإلهية بمقتضى قوله سبحانه: (فافعلوا ما تؤمرون)، ولا يجوز مخالفته بالظنون، لكن بعد وبشرط أن تكون صريحة أو ظاهرة فيها، لم تقترن بما يدل على الغاية منها وهي هنا العلة التامة التي نريد أن نستكشف وجودها من عدمه، وهذا أمر ممكن في كثير من الموارد التي إذا جمعت الأدلة اللفظية ظهرت دلالة جمعية علمية على المراد الكلي، فما بالك بهذه المسألة وهي مسألة العدة التي تعددت فيها الأخبار المعللة وظهر كثير منها في الوصف الذي يراد منه جريان الحكم معه كالعلم بنقاء الرحم ، وحمل تلكم الأخبار على الحكمة قد يوجب رمي الكلام بالعبثية من الوصي على شريعة رب العالمين.

الثانية: الإمهال للإصلاح والإرفاق

وإذا لوحظت أدلة الأصناف كلها، امتازت المطلقة الحرة الممكن حيضها -غير الصغيرة ولا اليائس اللاتي لا عدة لهن- بأن عدتها ثلاثة قروء أو أشهر؛ فإن ألغي ما به الاشتراك بين المطلقة ذات الحيض من جهة والصغيرة واليائسة والأمة المشتراة، بقي ما به الامتياز في ذات الحيض -أي التي لها قابلية أن تحيض وتحمل ماء الرجل أو ولده – وعلته أمر لابد من خطاب شرعي يُرشد إليه، مع أن المحتمل الأظهر أن الاعتناء بها أكثر حتى من الأمة التي لا يفسد الطلاق عليها ما يفسده على الحرة.

ويهدي إليه التعليل الذي رواه الكليني -في استحباب تزين المطلقة في عدتها لزوجها- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُطَلَّقَةُ تَكْتَحِلُ وَ تَخْتَضِبُ وَ تَطَيَّبُ وَ تَلْبَسُ مَا شَاءَتْ مِنَ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ:‏ ( لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً[15] ) لَعَلَّهَا أَنْ تَقَعَ فِي نَفْسِهِ فَيُرَاجِعَهَا “.

وحمل التعليلات الكتابية المحكمة على بيان الحِكمة دون العلة أبعد من حمل تعليلات السنة عليه؛ مع أن الأصل في التعليل ما ذكرنا في الاستعمال الحقيقي.

ويؤيده ما رواه الصدوق في العلل، قال: ” حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ‏ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الرَّبِيعِ الصَّحَّافُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا ع : كَتَبَ إِلَيْهِ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ عِلَّةُ الطَّلَاقِ ثَلَاثاً لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُهْلَةِ فِيمَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ إِلَى الثَّلَاثِ لِرَغْبَةٍ تَحْدُثُ أَوْ سُكُونِ غَضَبٍ إِنْ كَانَ وَ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَخْوِيفاً وَ تَأْدِيباً لِلنِّسَاءِ وَ زَجْراً لَهُنَّ عَنْ مَعْصِيَةِ أَزْوَاجِهِنَّ فَاسْتَحَقَّتِ الْمَرْأَةُ الْفُرْقَةَ وَ الْمُبَايَنَةَ لِدُخُولِهَا فِيمَا لَا يَنْبَغِي مِنْ مَعْصِيَةِ زَوْجِهَا وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ تِسْعِ تَطْلِيقَاتٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَداً عُقُوبَةٌ لِئَلَّا يُتَلَاعَبَ بِالطَّلَاقِ وَ لَا تُسْتَضْعَفَ الْمَرْأَةُ وَ لِيَكُونَ نَاظِراً فِي أُمُورِهِ مُتَيَقِّظاً مُعْتَبِراً وَ لِيَكُونَ يَائِساً لَهَا مِنْ الِاجْتِمَاعِ بَعْدَ تِسْعِ تَطْلِيقَاتٍ وَ عِلَّةُ طَلَاقِ الْمَمْلُوكِ اثْنَتَيْنِ لِأَنَّ طَلَاقَ الْأَمَةِ عَلَى النِّصْفِ وَ جَعَلَهُ اثْنَتَيْنِ احْتِيَاطاً لِكَمَالِ الْفَرَائِضِ وَ كَذَلِكَ فِي الْفَرْقِ فِي الْعِدَّةِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا “[16].

وكذلك قوله سبحانه :

( وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )‏[17]

فإن سياقها ظاهر في حكم من لها عدة من النساء المطلقات الرجعيات، لا الصغيرة ولا اليائسة اللتان تبينان بمجرد الطلاق وتحل كل واحدة للأزواج بعده، وملاك تشريع الحكم ظهوره قوي في الإمهال لإرادة الإصلاح، فإنه لا يتحقق رجوع إلا بالإمهال المأمور به، وأما الأشهر الثلاثة أو القروء فتفضل منه سبحانه؛ فإن استبراء الرحم يكفي فيه كاشفا الحيضة الأولى وتؤكده الثانية؛ لا يقال: أن الحيض يجتمع مع الحمل في نساءٍ فكيف يكون كاشفا؛ لأنه يجاب عنه: أولا: بأن الأحكام والقوانين إنما توضع للغالب وكذا جرت سنة الله سبحانه، والفرد النادر له حكمه المستثى، وثانيا: أنه إن لم تكشف الحيضة والحيضتان عن نقاء الرحم فلن يكشفه أي عدد من الحيض بناء على الاجتماع، وهذا يلغي كاشفيته ويسقط النص الآمر به ويكون لغوا، واللازم باطل.

نعم، هذه العلة لا تجري في المعتدة البائن في الطلاق الثالث أو المختلعة وهي مشمولة بالخطاب المطلق ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )، لكن تجري فيها العلة الأولى والعلة المروية في رواية الصدوق الأخيرة، ويكون الأمر بالتربص طريقيا لبيان حالها من الماء والحمل وتعبديا من جهة حكمته سبحانه.

فظهر أن وراء الثلاثة الأشهر للنقاء علة أخرى بينها الكتاب وأدلة السنة؛ وهي الإرفاق والإمهال لغاية الإصلاح وهي علة نفسية تعبدية محضة، فتجتمع من علل إيجاب العدة بالأشهر أو بالقروء على ذات الحيض علة طريقية وهي نقاء الرحم، وأخرى تعبدية، وهذا يجري حتى في المستأصل رحمها.

فاستفيد منها أن الإمهال فيما لعل الله أن يحدث فيه أمرا بالمراجعة والإصلاح مسألة تعبدية حاكمة على قاعدة العدة من الماء.

 العلل المروية في اختلاف العدد في التحديد: لما اختلفت عدد غير ذات العادة

ثم إن هنا إشكالا؛ من جهة أن العدة إن كانت طريقية وجب أن لا تختلف تحديداتها، لكنها تختلف في ذات العادة فعدتها ثلاثة أشهر، والأمة بحيضتين وكذا المتعة على المشهور، واستبراء الأمة المشتراة بحيضة !

لكن هذا الإشكال لا يسقط ظهور الأدلة في طريقية العدة وإن كان يُضعفها، وغايته أنه تعبد بهذا التحديد وهذا لا ننكره، مع أن احتمال خصوصية كل مورد من جهة تأكيد الاستبراء وأهمية العنوان غير بعيد، فالمطلقة لا شك أن الأمر فيها أشد اهتماما في نصوص الشارع، ودونها الأمة ويحتمل أن هذا لكونها ممن ترجع لسيدها بعد الطلاق خلافا للمطلقة.

وأما المتعة، فإن علم أنه ليس فيها طلاق ولا رجعة ولا اهتمام من جهة الحرية؛ فلم يبق إلا التحوط لبراءة الرحم، وهو يحصل بالحيضة ويتأكد بالاثنتين احتياطا، وحمل الأمر فيه على الطريقية لوحدة ملاك الأمر بالعدة، وهو الموافق لما رواه زراره وحلف أنه الحق كما يأتي ذكره، ويكون والحال هذه مغربا أن يذهب لكون عدتها حيضتين لذات العادة وخمسة وأربعون يوما أو شهرين لغيرها؛ فإنه ينبغي أن يحتاط في غير ذات العادة بالأكثر لا بالأقل، وهذا لا يأتي على القول بأن عدتها حيضة أو شهر ونصف وهو خمسة وأربعون يوما.

 علل الاختلاف في الأخبار:

وقد يكون في كتاب العلل للشيخ الصدوق رحمه الله وجوه مُعينة، فقد روى في باب (العلة التي من أجلها صار عدة المطلقة ثلاثة أشهر أو ثلاث حيض و عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرة أيام‏‏ ) روايتين:

قال: ” أَبِي رَحِمَهُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الثَّانِيَ ع كَيْفَ صَارَتْ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَ حِيَضٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً ؟ قَالَ: أَمَّا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَ حِيَضٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَلِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ مِنَ الْوَلَدِ وَ أَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ لِلنِّسَاءِ شَرْطاً فَلَمْ يَحُلَّهُنَّ فِيهِ وَ فِيمَا شَرَطَ عَلَيْهِنَّ بَلْ شَرَطَ عَلَيْهِنَّ مِثْلَ مَا شَرَطَ لَهُنّ،َ فَأَمَّا مَا شَرَطَ لَهُنَّ فَإِنَّهُ جَعَلَ لَهُنَّ فِي الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ صَبْرِ النِّسَاءِ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ )، فَلَمْ يَجُزْ لِلرَّجُلِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ صَبْرِ النِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ، وَ أَمَّا مَا شَرَطَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ: ( عِدَّتُهُنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً ) يَعْنِي إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا إِذَا أُصِيبَتْ بِزَوْجِهَا وَ تُوُفِّيَ عَنْهَا مِثْلَ مَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهِ إِذَا آلَى مِنْهَا، وَ عَلِمَ أَنَّ غَايَةَ صَبْرِ الْمَرْأَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فِي تَرْكِ الْجِمَاعِ فَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَ عَلَيْهَا وَ لَهَا.

ورواه البرقي في المحاسن، ورواه الكليني في الكافي (بَابُ عِلَّةِ اخْتِلَافِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ وَ عِدَّةِ الْمُتَوَفّى‏ عَنْهَا زَوْجُهَا) : عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ‏، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَيْفَ صَارَتْ‏ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَ حِيَضٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَ صَارَتْ عِدَّةُ الْمُتَوَفّى‏ عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً ؟ فَقَالَ: «أَمَّا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، فَلِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ مِنَ الْوَلَد ” الحديث.

لکن في طريق الخبر محمد بن سليمان الديلمي، وهو ضعيف جدا مغموز فيه وفي حديثه، مرمي بالغلو، فلا يعمل بما تفرد به.

ورواها العياشي في تفسيره نحوه لكنه أسندها لمحمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر ع قال‏ قلت له: جعلت فداك- كيف صارت عدة المطلقة ثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر، و صارت عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرا فقال: أما عدة المطلقة ثلاثة قروء- فلأجل استبراء الرحم من الولد و أما عدة المتوفى عنها زوجها- فإن الله شرط للنساء شرطا و شرط عليهن شرطا … الحديث.

واحتمال الاشتباه وارد؛ فهو عن محمد بن سليمان عن أبي جعفر الثاني وهو الجواد ع.

وفي العلل أيضا، قال:

أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: ” قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لِأَيِّ عِلَّةٍ صَارَ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً ؟ قَالَ: لِأَنَّ حُرْقَةَ الْمُطَلَّقَةِ تَسْكُنُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَ حُرْقَةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَسْكُنُ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً “.

والمراد بالحرقة الصبر.

وعنه قال: أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع‏ فِي الْمُطَلَّقَةِ إِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا وَ كَانَ عِدَّتُهَا انْقَضَتْ فَقَدْ بَانَتْ وَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَعْتَدُّ حِينَ يَبْلُغُهَا الْخَبَرُ لِأَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تُحِدَّ لَهُ.

المقدمة الثانية: في مساواة عدة الأمة والمتمتعة

 

عدة الأمة المطلقة:

واستدل على وجوب العدة على الأمة المطلقة ومقدارها بأخبار منها:

صحيحة محمد بن قيس:

11110/ 1. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ:

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «طَلَاقُ الْعَبْدِ لِلْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَ أَجَلُهَا حَيْضَتَانِ إِنْ كَانَتْ تَحِيضُ، وَ إِنْ كَانَتْ لَاتَحِيضُ فَأَجَلُهَا شَهْرٌ وَ نِصْفٌ».[18]

صحيحة محمد بن مسلم:

11113/ 4. مُحَمَّد بْن يَحْيى‏ وَ غَيْرُهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى‏، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ:

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ» وَ قَالَ: «إِذَا لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ، فَنِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ».[19]

صحيحة زرارة:

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ:

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ حُرٍّ تَحْتَهُ أَمَةٌ، أَوْ عَبْدٍ تَحْتَهُ حُرَّةٌ: كَمْ طَلَاقُهَا؟

وَ كَمْ عِدَّتُهَا؟

فَقَالَ: «السُّنَّةُ فِي النِّسَاءِ فِي الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً، فَطَلَاقُهَا ثَلَاثٌ، وَ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ؛ وَ إِنْ كَانَ‏ حُرٌّ تَحْتَهُ أَمَةٌ، فَطَلَاقُهَا تَطْلِيقَتَانِ‏، وَ عِدَّتُهَا قُرْءَانِ».[20]

وغيرها من الأخبار الصحيحة.

ما روي في مساواة عدة المتمتعة للأمة:

واستدل على تنزيل حكم المعتدة عن متعة منزلة الأمة بما رواه:

1- صحيحة زرارة بن أعين: شهر ونصف

الشيخ بسنده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: ” سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع مَا عِدَّةُ الْمُتْعَةِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا الَّذِي تَمَتَّعَ بِهَا ؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ عَشْرٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: يَا زُرَارَةُ كُلُّ النِّكَاحِ إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ فَعَلَى الْمَرْأَةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ النِّكَاحُ مِنْهُ مُتْعَةً أَوْ تَزْوِيجاً أَوْ مِلْكَ يَمِينٍ فَالْعِدَّةُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً.

وَ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَ الْأَمَةُ الْمُطَلَّقَةُ عَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ وَ كَذَلِكَ الْمُتْعَةُ عَلَيْهَا مِثْلُ مَا عَلَى الْأَمَةِ “.

والتحديد بالشهور محمول على أن المقام لبيان العدد فخصه بذات الشهور لا الأقراء، فلا يشمل الحكم غيرها، فعدة الأمة المطلقة والمتمتعة شهر ونصف.

2- صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج: حيضة ونصف

وعنه بسنده عن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: ” سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ مُتْعَةً ثُمَ‏ يُتَوَفَّى‏ عَنْهَا زَوْجُهَا هَلْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ؟ فَقَالَ: تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً، فَإِذَا انْقَضَتْ أَيَّامُهَا وَ هُوَ حَيٌّ فَحَيْضَةٌ وَ نِصْفٌ مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَى الْأَمَةِ، قَالَ: قُلْتُ: فَتُحِدُّ ؟ قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ إِذَا مَكَثَتْ عِنْدَهُ أَيَّاماً فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَ تُحِدّ،ُ وَ أَمَّا إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ فَقَدْ وَجَبَتِ الْعِدَّةُ كَمَلًا وَ لَا تُحِدُّ “.

والتحديد بالحيضة والنصف لا يكون له وجه إلا تقديره بما يجري من عادة النساء من حيضة في كل شهر، فيكون بمعنى مقدر بحيضة ونصف، أي شهر ونصف، وهو أربع وخمسون يوما.

وأما ذيلها فالمكث يوما أو يومين أو ساعة، بمعنى انقضاء أجلها في حياته، وأما إذا حمل على التفصيل بمدة المكث فلا يخلو عن معارضة لما دل على وجوبه مطلقا، ويأتي بحثه إن وفق الله.

وأنت خبير بأن الصحيحتين لا تدلان على أكثر من التساوي في عدة الأيام، وهو حكم ذات الشهور لا الأقراء، فلا يثبت بهذه الروايات عموم التنزيل.

طوائف الروايات في عدة المتعة:

أما روايات عدة المتعة على المرأة فطائفتان بعد إرجاع الأقوال المتقدمة إليها وتأخير الكلام في عدة الأشهر والأيام، وهي:

حيضتان:

1- صحيحة إسماعيل بن الفضل حيضتين، وزرارة بن أعين حيضة:

ما رواه الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْمُتْعَةِ؟

فَقَالَ: «الْقَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ جُرَيْجٍ‏[21]، فَسَلْهُ‏ عَنْهَا؛ فَإِنَّ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْماً».

فَلَقِيتُهُ‏، فَأَمْلى‏ عَلَيَّ مِنْهَا شَيْئاً كَثِيراً فِي اسْتِحْلَالِهَا، فَكَانَ‏ فِيمَا رَوى‏ لِيَ‏ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ‏: لَيْسَ فِيهَا وَقْتٌ وَ لَا عَدَدٌ، إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَاءِ، يَتَزَوَّجُ مِنْهُنَّ كَمْ شَاءَ، وَ صَاحِبُ الْأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَتَزَوَّجُ مِنْهُنَّ مَا شَاءَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَ لَا شُهُودٍ، فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ بَانَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَ يُعْطِيهَا الشَّيْ‏ءَ الْيَسِيرَ، وَ عِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ‏[22]، وَ إِنْ‏ كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَخَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ يَوْماً[23].

فَأَتَيْتُ بِالْكِتَابِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَعَرَضْتُهُ عَلَيْهِ‏، فَقَالَ: «صَدَقَ» وَ أَقَرَّ بِهِ.

قَالَ ابْنُ أُذَيْنَةَ: وَ كَانَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ‏ يَقُولُ هذَا، وَ يَحْلِفُ أَ نَّهُ الْحَقُ‏ إِلَّا أَ نَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنْ كَانَتْ تَحِيضُ فَحَيْضَةٌ، وَ إِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ‏ فَشَهْرٌ وَ نِصْفٌ[24]“.

وروى الأخير بمفرده في أول باب عدة المتعة، قال:

” عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ‏: «إِنْ كَانَتْ تَحِيضُ فَحَيْضَةٌ، وَ إِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَشَهْرٌ وَ نِصْفٌ».[25]“.

قال الشيخ في رجاله: ” عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم مكي”[26].

وفي معرفة الرجال: “محمد بن إسحاق و محمد بن المكندر و عمرو بن خالد الواسطي و عبد الملك بن جريح و الحسين بن علوان و الكلبي هؤلاء من رجال العامة إلا أن لهم ميلا و محبة شديدة”[27].

ومحل الشاهد فيها وهو قوله: ” وَ عِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ‏ ، وَ إِنْ‏ كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَخَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ يَوْماً “.

ويكون زرارة قد غير الأيام إلى الحساب بالشهر وهما واحد في الغالب، بل متساويان في الأمور التي يبتغى منها العدد كما في حساب أيام غير المستقيم حيضها، بل هو أحد كواشف أن حكم الاعتداد طريقي.

لكن رواها الأشعري في نوادره بإسناد صحيح وقال[28]: ” وَ عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ إِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَ إِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ شَهْر”، فأبدل الحيضتين بالحيضة، والخمسة والأربعون يوما بالشهر.

والترجيح بين نقلي الرواية يفتقر لقرائن وشواهد أكثر، وبما قدمناه من تقوية طريقية العدة الكاشف عنها التعليل في جملة من الأخبار بأنها لطلب براءة الرحم، يقوي بعدها الاعتبار في جهة الحكم بما رواه زرارة، من أن عدتها حيضة أو شهر ونصف للاحتياط، ويكون من البعيد – والحال أننا نتكلم عن طريقية العدة لا موضوعيتها على عكس الحكم في عدة الأمة حيضتين أو شهر ونصف- أن تكون صاحبة الحيض المستقيم تعتد بحيضتين أكثر ممن لا تحيض مع أنه ينبغي من مثلها الاحتياط !، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن قول إسماعيل بن الفضل: ” فَأَتَيْتُ بِالْكِتَابِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَعَرَضْتُهُ عَلَيْهِ‏، فَقَالَ: «صَدَقَ» وَ أَقَرَّ بِهِ “، لا يتقدم على رواية زرارة المعزز بحلفه عليه أنه الحق، وهو من ترجيح الأفقه والأعلم من الرواة، ولم يختلف النقل عنه في الحكم.

3- صحيحة أبي بصير:

فی النوادر عن النَّضْرُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: “سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ:‏ ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ) ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَزِيدَهَا وَ تَزِيدَكَ إِذَا انْقَطَعَ الْأَجَلُ فِيمَا بَيْنَكُمَا، تَقُولُ لَهَا: اسْتَحْلَلْتُكِ بِأَجَلٍ آخَرَ بِرِضًى مِنْهَا وَ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِكَ‏ حَتَّى‏ تَنْقَضِيَ‏ عِدَّتُهَا، وَ عِدَّتُهَا حَيْضَتَان “[29].‏

ورواها العياشي في تفسيره.

وفي أصل عاصم بن حميد ضمن الأصول المعثور عليها: ” وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَوْ لَا مَا سَبَقَنِي بِهِ ابْنُ الْخَطَّابِ مَا زَنَى إِلَّا شَقِيٌّ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ ‏- إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى‏ – فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ‏ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ )[30] قَالَ: يَقُولُ إِذَا انْقَطَعَ الْأَجَلُ فِيمَا بَيْنَكُمَا: اسْتَحْلَلْتَهَا بِأَجَلٍ آخَرَ بِرِضَاهَا، وَ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ، وَ عِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ‏.[31]

لكن رواها الكليني في الكافي بدون قوله في آخرها: “وعدتها حيضتان”، قال: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ؛ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ[32]، قَالَ:

” لَا بَأْسَ بِأَنْ تَزِيدَكَ وَ تَزِيدَهَا إِذَا انْقَطَعَ الْأَجَلُ فِيمَا بَيْنَكُمَا، تَقُولُ لَهَا: اسْتَحْلَلْتُكِ بِأَجَلٍ آخَرَ بِرِضاً مِنْهَا، وَ لَا يَحِلُّ ذلِكَ لِغَيْرِكَ‏ حَتّى‏ تَنْقَضِيَ‏ عِدَّتُهَا “.[33]

ورواها عنه الشيخ في التهذيب بنفس اللفظ، مسندا القول لأبي بصير لا للإمام، خلافا للنوادر والتفسير والأصل.

روى النجاشي في فهرسته عن شيخه ابن الغضائري أن البزنطي توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين، قال: “و مات أحمد بن محمد سنة إحدى و عشرين و مائتين بعد وفاة الحسن بن علي بن فضال بثمانية أشهر. ذكر محمد بن عيسى بن عبيد أنه سمع منه سنة عشرة و مائتين‏”[34].

ادعي أنه لا تناسب رواية ابن أبي نجران أو البزنطي عن أبي بصير، واحتمل سقوط الواسطة كعاصم بن حميد، فإذا كان أبو بصير قد أدرك وفاة الصادق عليه السلام سنة مائة وثمان أربعين وتوفي بعده بسنوات، فيكون البزنطي – الذي أدرك الكاظم والرضا والجواد عليهما السلام – لا يقل عمره عن تسعين سنة يوم وفاته ليكون في سن العشرين قد سمع من أبي بصير، وهو أمر بعيد ونادر.

لكن قد مر عليك أكثر من مرة أن العنعنة كما صحت عن سماع صحت عن الكتاب واستعملها الأصحاب الثقات كثيرا، فلا ضير في الرواية عن أبي بصير بها إذا كان راويها مثل أبن ابي نجران والبزنطي.

وأما الزيادة فلعل الكليني لما أوردها أراد محل الدلالة والشاهد على حكم الأجل؛ ويدل عليه ذكرها في أول ( باب الزيادة في الأجل ) بدون ذيلها، ولم يذكرها في الباب السابق عليه وهو ( باب عدة المتعة ) لأنه- كما قيل- يذكر في الأبواب مختاره، وإلا فيورد الأخبار المتعارضة.

وبقي القول في أبي بصير وتعيينه؛ فإن كان الأسدي يحيى بن أبي القاسم المتوفى سنة خمسين ومائة فهو الثقة العين المعتمد، وإن كان المرادي ليث بن البختري المرادي أبو بصير الأصغر فهو من يروي عنه الضعاف كثيرا وفي أخباره فضلا عن صفاته ضعف، فالتوقف في متفرداته وما شابها الشك الكثير متعين، و الأقوى أنه المرادي.

فإن الصدوق روى في الفقيه عن عاصم عنه، قال: “عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ لَيْثٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ وَ تَحِلُّ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْفَجْرِ فَقَالَ لِي إِذَا اعْتَرَضَ الْفَجْرُ فَكَانَ كَالْقُبْطِيَّةِ[35] الْبَيْضَاءِ فَثَمَّ يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ وَ تَحِلُّ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْفَجْرِ قُلْتُ أَ فَلَسْنَا فِي وَقْتٍ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ شُعَاعُ الشَّمْسِ قَالَ هَيْهَاتَ أَيْنَ تَذْهَبُ بِكَ تِلْكَ صَلَاةُ الصِّبْيَانِ‏ “.

وفي التهذيب رواها بنفس سند الرواية الحاضرة أولا، رواها بسنده عن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ الْمَكْفُوفِ[36].

وفي قبالها رواية الشيخ في أماليه عن عاصم بن حميد عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم، قال: ” أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ الْحَنَّاطُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ- يَعْنِي أَبَا بَصِيرٍ-، عَنْ أَبِي‏ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ أَبِي ذَرٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: يَا بَاغِيَ الْعِلْمِ، قَدِّمْ لِمُقَامِكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، فَإِنَّكَ مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِكَ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ “[37].

مع أننا ذكرنا أن الشيخ رحمه الله في كلامه وكلام غيره خلط، وقد قال شيخه ابن الغضائري أن الخلاف في أبي بصير قديم، فتعيين شخص أبي بصير من كلام هؤلاء الأجلة اجتهادي في الغالب، وقد ثبت لنا بعد تتبع الأخبار وأسانيدها على وجه قوي أن يحيى بن أبي القاسم هو الجليل القدر، والثاني ليث بن البختري لا يعمل بما تفرد به، والتفريق بينهما بالقرائن وكلاهما أسديان بناء على بعضها، وذكرناه في أبحاث السنة الأولى لمسائل النكاح، فراجع.

وعلى أقل تقدير فالرواية مرددة بين أن يكون راويها الثقة المعتمد وغيره الذي يتوقف في أخباره، فلا تصلح للمعارضة فضلا عن الترجيح بها.

وعليه فالقول بأن عدة المتمتعة حيضتين روي عن عبد الملك بن جريج مُصححا مُختلفا في روايته، وعارضه زرارة حالفا على أن قوله الحق ولم تختلف روايته، ورواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام، وهو مردد بين الاسدي والمرادي، ومختلف في نقل حديثه.

حيضة:

وهي عدة أخبار:

1- صحيحة زرارة الآنفة:

وقد مرت.

2- موثقة أبي بصير:

الكليني رحمه الله عن مُحَمَّد بْن يَحْيى‏، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ؛ وَ[38] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى‏، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: ” لَا بُدَّ مِنْ‏ أَنْ تَقُولَ فِي‏ هذِهِ‏ الشُّرُوطِ: أَتَزَوَّجُكِ مُتْعَةً كَذَا وَ كَذَا يَوْماً، بِكَذَا وَ كَذَا دِرْهَماً نِكَاحاً غَيْرَ سِفَاحٍ‏ عَلى‏ كِتَابِ اللَّهِ- عَزَّ وَ جَلَّ- وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ عَلى‏ أَنْ لَا تَرِثِينِي وَ لَا أَرِثَكِ، وَ عَلى‏ أَنْ تَعْتَدِّي‏ خَمْسَةً وَ أَرْبَعِينَ يَوْماً. وَ قَالَ بَعْضُهُمْ: حَيْضَةً[39][40]0

والأقوى أن هذا القول الأخير مرسل من كلام الكليني وهو كثير في الكافي، والظاهر أنه من التردد في الحكم لا اللفظ؛ لنسبة القول لبعضهم لا لنفس الراوي وروايته، فيكون هذا القول من المؤيدات.

3- رواية عبد الله بن عمرو:

ما رواه الشيخ بسنده عن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: ” سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمُتْعَة،ِ فَقَالَ: حَلَالٌ لَكَ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، قُلْتُ: فَمَا حَدُّهَا ؟ قَالَ: مِنْ حُدُودِهَا أَنْ لَا تَرِثَهَا وَ لَا تَرِثَكَ، قَالَ: فَقُلْتُ: فَكَمْ عِدَّتُهَا ؟ فَقَالَ: خَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ يَوْماً أَوْ حَيْضَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ “[41].

ومر أنها ضعيفة الإسناد اصطلاحا بعبد الله بن عمرو وهو مجهول، لكنها قابلة للاعتماد، لجلالة المسندين، ومفادها معتضد بالروايات.

4- مرسلة محمد بن عبد الله الحميري من كتابة لصاحب الزمان عليه السلام سنة 308 هـ:

رواها الطبرسي في الاحتجاج في فصل مما خرج أيضا من صاحب الزمان عن محمد بن عبد الله الحميري وقد أرسل مسائل عديدة في سنين، كان منها ما وقع في سنة ثلاثمة وثمانية من غيبة مولانا الحجة كنفه الله برعايته وأحاطه بسترة ورزقنا دعاءه ورضاه، قال فيه: ” وَ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَيْ‏ءٍ مَعْلُومٍ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا وَقْتٌ فَجَعَلَهَا فِي حِلٍّ مِمَّا بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا، وَ قَدْ كَانَتْ طَمِثَتْ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي حِلٍّ مِنْ أَيَّامِهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ بِشَيْ‏ءٍ مَعْلُومٍ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ طُهْرِهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ أَوْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا حَيْضَةً أُخْرَى؟ فَأَجَابَ: يَسْتَقْبِلُ حَيْضَةً غَيْرَ تِلْكَ الْحَيْضَةِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ تِلْكَ الْعِدَّةِ حَيْضَةٌ وَ طُهْرَةٌ تَامَّة “[42].

قال الحر رحمه الله في الوسائل: ” وَ حُكْمُ الْحَيْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِكْمَالُ الثَّانِيَةِ بَلْ يَكْفِي الدُّخُولُ فِيهَا لِتَحَقُّقِ طُهْرَيْنِ وَ إِنْ تَوَقَّفَ الْوَطْءُ عَلَى إِكْمَالِ الثَّانِيَة “[43].

أقول: الظاهر أن المراد أنها تنتظر قبل طهرها حيضة؛ يفهم هذا من سؤال السائل الذي ردد سؤاله بين الاكتفاء بحيضها قبل إهابها المدة أو استقبال أخرى بعد ذلك؛ فالطهرة التامة قصد بها البيان والتوكيد على وجوب التربص بعد حتى يتم الطهر بالحيض الجديد.

فتحصل:

أن من أخبار الطائفة الأولى في الحيضتين صحيحة إسماعيل بن الفضل لا يمكن الاعتماد عليها لاضطراب النقل فيها ومخالفة رواية زرارة لها، وكذا صحيحة أبي بصير لا تخلو من إشكال في المتن وتردد في أبي بصير بين الثقة وغيره الذي يضره الانفراد بالرواية.

وتكون الطائفة الثانية المتمثلة في صحيحة أبي رزارة والمؤيدة بذيل موثقة أبي بصير ومكاتبة الحميري والمعتضدة برواية عبد الله بن عمرو وهي معتبرة والموافقة للاعتبار وعلة العدة أنها من الماء وطريقية الاعتداد من كفاية حيضة والاحتياط بحيضة ونصف في الاعتداد في غير الطلاق والحداد.

هل يجوز الاكتفاء بخمسة وأربعين يوما ؟

والظاهر كفاية أقرب الأجلين من الحيض أو الأيام؛ لما دل من الأخبار على إطلاق الأيام في أكثرها وهي في مقام البيان وتتكفل الأخبار الأخرى بالتفصيل؛ فمتى ما حاضت المرأة قبلها فقد نقت وحلت للأزواج، وإلا انتظرت شهرا ونصف يعادل خمسا وأربعين يوما، والتعبير عن ذات الأقراء بأنها ممن تحيض أو ممن تكون ذات حيضة مستقيمة، ظاهر في أن الحيض يأتيها كما يأتي غالب نوع النساء في كل شهر مرة، فمن تجاوز زمان تربصها الشهر خرجت عن استقامة الطباع وصار اعتدادها بالأيام، وتكتفي بمضي خمس وأربعين يوما، ومن تكرر حيضها في الشهر اكتفت بالأول منهما وحلت للأزواج.

ويدل على حكم الاعتداد بخمس وأربعين يوما كأصل يرجع إليه ويؤيد ما ذهبنا إليه من طريقة العدة لنقاء الرحم من الماء، المطلقات منها ما رواه:

محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال عن ابن بكير عن‏ زرارة قال: عدّة المتعة خمسة وأربعون يوماً كأنّى أنظر إلى أبى جعفر عليه السلام يعقد بيده خمسة وأربعين فإذا جاز الأجل كانت فرقة بغير طلاق.

وما في أصل عاصم بن حميد عن محمّد بن مسلم و أبى بصير عن أبى عبداللَّه عليه السلام فى حديث المتعة قال: ليس عليها منه‏ عدّة وعليها من غيره عدّة خمسة وأربعون يوماً.

وفي قبالها أخبار الاعتداد بخمسة وأربعين ليلة، وهي:

ما رواه في نوادر أحمد بن محمّد عن صفوان عن عبداللَّه بن بكير عن محمّد بن مسلم و زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: عدّة المتعة خمس وأربعون ليلةً.

وفي الكافي عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد ابن‏ أبى نصر عن أبى الحسن الرّضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: عدّة المتعة خمسة وأربعون يوماً والاحتياط خمسة وأربعون ليلة.

و فى‏ رواية هشام  قوله عليه السلام: فإذا مضى شرطكِ فلا تتزوّجى حتّى يمضى لكِ خمس وأربعون ليلة.

و فى‏ رواية ابن مسلم انّه لا حدّ للمهر قوله عليه السلام: وليس عليها العدّة منه وعليها من غيره خمس وأربعون ليلة.

وغيرها ، وهي أكثر عددا من حساب الأيام.

خمسة وأربعون يوما أو ليلة ؟

ويمكن الجمع بينها بما في صحيحة البيزنطي:

مما رواه الكليني في الكافي عن عِدَّة مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ:

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عِدَّةُ الْمُتْعَةِ خَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ يَوْماً، وَ الِاحْتِيَاطُ[44] خَمْسٌ وَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً»[45]. على فرض أن الكلام من الإمام ع.

أو يقال أن إطلاق اليوم يقتضي شمول ساعات الليل والنهار لا الزمان النهاري وحده، فلا تعارض، وهو غير بعيد، وموافق للاحتياط في مثل هذا المقام.

 

[1] في مرآة العقول، ج 21، ص 144:« العدّة من الماء، أي ماء المنيّ و ما مظنّة له، و هو الوطء و إن لم ينزل. و يحتمل أن يكون المراد ماء الغسل، أي ما لم يجب الغسل لم تجب العدّة».

[2] الكافي، كتاب الطلاق، باب ما يوجب المهر كملًا، ضمن ح 10851، بسند آخر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام ف الوافي، ج 23، ص 1179، ح 22997؛ الوسائل، ج 22، ص 175، ح 28313.

[3] في المرآة:« إنّما العدّة من الماء، أي ممّا هو مظنّة نزول الماء، و هو الدخول، كما يدلّ عليه آخر الخبر».

[4] الكافي، كتاب الطلاق، باب طلاق التي لم يدخل بها، ح 10758 الوافي، ج 22، ص 513، ح 21622؛ الوسائل، ج 21، ص 319، ح 27181.

[5] الوافي، ج 23، ص 1080، ح 22785؛ الوسائل، ج 22، ص 195، ح 28366.

[6] في التهذيب:« الحسن بن سماعة».

[7] التهذيب، ج 8، ص 128، ح 443، معلّقاً عن الكليني. الفقيه، ج 3، ص 511، صدر ح 4792، معلّقاً عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي إبراهيم، مع اختلاف يسير الوافي، ج 23، ص 1165، ح 22966؛ الوسائل، ج 22، ص 197، ح 28374.

[8] في وسائل الحر رحمه الله: “قال الشيخ في الخلاف: الأمة المشتراة و المسبية تعتدان بقرءين، و هما طهران، و روي حيضة من الطهرين، و المعنى متقارب، و قال الشافعي- تستبرئان بقرء واحد و هو طهر أو حيض على قولين، دليلنا اجماع الفرقة و طريقة الاحتياط. انتهى فتامل”.

[9] الكافي 11: 79/ ح8 ب استبراء الأمة.

[10] في رسالة المتعة:« عن الصادق عليه السلام في المرأة الفاجرة، هل يحلّ تزويجها» بدل« عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- إلى- هل يحلّ له ذلك».

[11] في المرآة:« يدلّ على اعتبار العدّة من ماء الزنى، و هو أحوط و إن لم يذكره الأكثر».

[12] التهذيب، ج 7، ص 327، ح 1346، بسنده عن إسحاق بن جرير، إلى قوله:« فله أن يتزوّجها». رسالة المتعة للمفيد( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد، ج 6)، ص 13، ح 30، مرسلًا. راجع: الفقيه، ج 3، ص 418، ح 4457؛ و التهذيب، ج 7، ص 327، ح 1348؛ و الاستبصار، ج 3، ص 168، ح 614 الوافي، ج 21، ص 138، ح 20933؛ الوسائل، ج 20، ص 434، ح 26021؛ و ج 22، ص 265، ح 28558.

[13] في مرآة العقول، ج 20، ص 265:« قوله عليه السلام: إنّ أمرها شديد، قال الوالد العلّامة رحمه الله: أي في الاستبراء و عدم الوطي و ترك الإنزال. قوله: فإن أتاها، و إن كان حراماً، أو يحمل على صورة الإخبار، و كان ذلك على جهة الاستحباب، كما سيأتي، أو يحمل الإتيان على غير الفرج، أي الدبر و ترك الإنزال؛ لإمكان الحمل بوطي الدبر. و أقول: يمكن حمله على أنّ عدم الإنزال كناية عن عدم الوطي في الفرج، و شدّة أمرها باعتبار عسر الصبر في هذه المدّة، و هو مؤيّد لما ذهب إليه أكثر الأصحاب من جواز الاستمتاع بها في ما دون الفرج، و ذهب جماعة إلى المنع من الاستمتاع بها مطلقاً».

[14] الوافي، ج 23، ص 1266، ح 23198؛ الوسائل، ج 18، ص 257، ذيل ح 23622.

[15] الطلاق : 1 ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْري لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْرا ).

[16] علل الشرائع 2: 506-507/ ح1 ب علة طلاق العدة.

[17] سورة البقرة: 228.

[18] التهذيب، ج 8، ص 154، ح 537؛ و الاستبصار، ج 3، ص 347، ح 1240، بسندهما عن عاصم بن حميد، مع زيادة في آخره. و في التهذيب، ج 8، ص 154، ذيل ح 53؛ و الاستبصار، ج 3، ص 347، ذيل ح 1236، بسند آخر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، و تمام الرواية هكذا:« و عدّة الأمة المطلّقة شهر و نصف». و في التهذيب، ج 8، ص 154، ذيل ح 535؛ و الاستبصار، ج 3، ص 346، ذيل ح 1238، بسند آخر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، و تمام الرواية هكذا:« و عدّة الأمة المطلّقة التي لا تحيض شهر و نصف» الوافي، ج 23، ص 1083، ح 22794؛ الوسائل، ج 22، ص 256، ح 28531.

[19] راجع: الكافي، كتاب الطلاق، باب طلاق أهل الذمّة و عدّتهم في الطلاق …، ح 11133 الوافي، ج 23، ص 1241، ح 23133؛ الوسائل، ج 22، ص 256، ح 28532.

[20] ( 9). التهذيب، ج 8، ص 134، ح 466؛ و الاستبصار، ج 3، ص 335، ح 1192، معلّقاً عن الكليني الوافي، ج 23، ص 1084، ح 22797؛ الوسائل، ج 20، ص 530، ح 26269؛ وج 22، ص 159، ح 28270؛ و ص 256، ح 28530.

[21] في بعض النسخ:« جريح». و المذكور في و المطبوع و الوسائل:« جريج». و عبد الملك هذا، هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج القرشي من فقهاء العامّة. راجع: تهذيب الكمال، ج 18، ص 338، الرقم 3539؛ رجال الطوسي، ص 238، الرقم 3251.

[22] في النوادر: «حيضة إن كانت تحيض» بدل« حيضتان».

[23] في الوسائل، ح 26413:+« قال». و في النوادر:« شهر» بدل « فخمسة و أربعون يوماً».

[24] الكافي، كتاب النكاح، باب عدّة المتعة، ح 9961. و في التهذيب، ج 8، ص 165، ح 573، معلّقاً عن الكليني، و فيهما من قوله:« إن كانت تحيض فحيضة». النوادر للأشعري، ص 85، ح 193، عن ابن أبي عمير، مع اختلاف يسير الوافي، ج 21، ص 306، ح 21290؛ الوسائل، ج 21، ص 19، ح 26413؛ فيه، ج 27، ص 138، ح 33420، إلى قوله:« فقال: صدق و أقرّ به».

[25] الكافي، كتاب النكاح، باب أنّهنّ بمنزلة الإماء و ليست من الأربع، ذيل ح 9934. و في التهذيب، ج 8، ص 165، ح 573، معلّقاً عن الكليني. النوادر للأشعري، ص 85، ذيل ح 193، عن ابن أبي عمير. قرب الإسناد، ص 361، ح 1293، بسند آخر عن أبي جعفر عليه السلام، و تمام الرواية فيه:« عدّة المتعة حيضة و قال: خمسة و أربعون يوماً لبعض أصحابه» الوافي، ج 23، ص 1238، ح 23127؛ الوسائل، ج 21، ص 51، ح 26509.

[26] رجال الشيخ: 238/ ر3251.

[27] معرفة الرجال 1: 390/ ج5 ح733.

[28] تمام الرواية: ” ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ الْقَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ جُرَيْحٍ‏ فَسَلْهُ عَنْهَا فَإِنَّ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْماً فَلَقِيتُهُ فَأَمْلَى عَلَيَّ مِنْهَا شَيْئاً كَثِيراً فَكَانَ فِيمَا رَوَى لِي قَالَ لَيْسَ فِيهَا وَقْتٌ وَ لَا عَدَدٌ إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَاءِ يَتَزَوَّجُ مِنْهُنَّ كَمْ شَاءَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَ لَا شُهُودٍ وَ إِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ بَانَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَ عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ إِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَ إِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ شَهْرٌ فَانْطَلَقْتُ بِالْكِتَابِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَعَرَضْتُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ صَدَقَ وَ أَقَرَّ بِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ وَ كَانَ زُرَارَةُ يَقُولُ هَذَا وَ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّهُ الْحَقُّ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنْ كَانَتْ تَحِيضُ فَحَيْضَةٌ وَ إِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَشَهْرٌ وَ نِصْفٌ‏ “.

[29] النوادر: 81/ ح182، ب 17 نكاح المتعة وشروطها.

[30] النّساء( 4): 24.

[31] رواه بالإسناد إلى عاصم: الإستبصار: 3/ 141/ 1 نحوه.

رواه عن غير عاصم: الإستبصار: 3/ 141/ 2، عن ابن مسكان، عن الإمام الباقر عليه السّلام، و ليس فيه ذيله، كنز العمّال: 16/ 522/ 45728 نقلا عن المصنّف عبد الرّزّاق و أبي داود في ناسخه، و ابن جرير عن الإمام عليّ عليه السّلام، و ليس فيه ذيله.

[32] في هامش الكافي (ط دار الحديث): ورد الخبر- مع زيادة في صدره- في النوادر المنسوب إلى الأشعري، ص 81، ح 182 عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام. و تلك الزيادة هي التي تقدّمت ذيل ح 9921 بنفس الطريقين عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام، فذكر الخبر فعليه، يظهر من المقارنة بين ما ورد في النوادر و بين خبرنا هذا، أنّ هذا الخبر قطعة من خبر تقدّمت قطعة اخرى منه في ح 9921، فدور أبي بصير في نقل الخبر هو دور راوٍ و ليس مضمون الخبر فتواه، كما أنّه يظهر أيضاً سقوط الواسطة بين عبد الرحمن بن أبي نجران و أحمد بن محمّد بن أبي نصر و بين أبي بصير و هو عاصم بن حميد.

و يؤيّد ذلك مضافاً إلى عدم ملائمة طبقة ابن أبي نجران و ابن أبي نصر للرواية عن أبي بصير مباشرة، توسّط عاصم بن حميد بين‏[ عبد الرحمن‏] بن أبي نجران و أبي بصير في عددٍ من الأسناد. راجع: معجم رجال الحديث، ج 9، ص 474.

[33] التهذيب، ج 7، ص 268، ح 1152، معلّقاً عن الكليني. النوادر للأشعري، ص 81، ح 182، بسنده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام. تفسير العيّاشي، ج 1، ص 233، ح 86، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، مع زيادة في أوّله و آخره الوافي، ج 22، ص 665، ح 21913؛ الوسائل، ج 21، ص 54، ح 26517.

[34] فهرست النجاشي: 75/ ر180.

[35] القبطية واحدة القباطى- بفتح القاف ثياب رقاق من كتان تتّخذ بمصر، و قد يضمّ لانهم يغيّرون في النسبة( الصحاح) و قوله« اعترض الفجر» أي حصل البياض في عرض الافق و هو الصادق لا في طوله فانه الكاذب.( م ت).

[36] التهذيب 2: 39/ ح73 ب أوقات الصلاة.

[37] أمالي الشيخ : 543/ مجلس 42.

[38] في السند تحويل بعطف « عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد» على« محمّد بن يحيى، عن محمّد بن‏الحسين».

[39] في الوافي:« و قال بعضهم، هذا من كلام صاحب الكافي أو غيره من الرواة، و الضمير البارز للرواة المذكورين. و الحيضة لمن تحيض، و الأيّام لمن لا تحيض، كما وقع التصريح به في الأخبار الآتية في باب العدد، و الاحتياط أن يحسب اليوم مع ليلته، كما يأتي هناك».

[40] التهذيب، ج 7، ص 263، ح 1137، معلّقاً عن الكليني. و فيه، ح 1135، بسند آخر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام؛ الفقيه، ج 3، ص 462، ح 4597، بسند آخر من دون التصريح باسم المعصوم عليه السلام، و فيهما إلى قوله:« أن لا ترثيني و لا أرثك» مع اختلاف يسير و زيادة في آخره. و في رسالة المتعة، ص 10، ح 13؛ و خلاصة الإيجاز، ص 46، الباب 3، بسند آخر عن موسى بن جعفر عليه السلام، إلى قوله:« و سنّة نبيّه صلى الله عليه و آله» مع اختلاف يسير الوافي، ج 22، ص 652، ح 21893؛ الوسائل، ج 21، ص 44، ح 26489؛ و فيه، ص 42، ح 26484، إلى قوله:« و كذا يوماً بكذا و كذا درهماً».

[41] التهذيب 7: 265/ ح68 ب تفصيل أحكام النكاح.

[42] الاحتجاج 2: 488-489.

[43] وسائل الشيعة 21: 52/ ب ما يجب على المرأة في عدة المتعة ح7.

[44] في الوافي: « يعني أنّ الاحتياط أن يكون عدد الليالي أيضاً خمساً و أربعين كالأيّام، لا أربعاً و أربعين، و الحاصل أنّ المعتبر على الاحتياط الأيّام بلياليها» و في مرآة العقول، ج 20، ص 243:« قوله: و الاحتياط، قال الوالد العلّامة رحمه الله: يمكن أن يكون من كلامه عليه السلام، و أن يكون من كلام البزنطي، و الأحوط أكثر الأمرين من اليوم و الليلة، و كان مراده أيضاً هذا بقرينة الاحتياط؛ فإنّ الظاهر في أمثال هذه العبارة إن كان يوماً أن يكون المراد به اليوم و الليلة، و إن كان ليلة فكذلك».

[45] التهذيب، ج 8، ص 165، ح 574، معلّقاً عن الكليني. المحاسن، ص 330، كتاب العلل، ذيل ح 90، بسند آخر عن أبي جعفر عليه السلام، و تمام الرواية فيه:« عدّتها[ المتعة] خمسة و أربعون يوماً». و في النوادر للأشعري، ص 89، ذيل ح 206؛ و التهذيب، ج 7، ص 259، ذيل ح 1120؛ و الاستبصار، ج 3، ص 147، ذيل ح 539، بسند آخر عن أبي جعفر عليه السلام، و تمام الرواية هكذا:« عدّتها[ المتعة] خمس و أربعون ليلةً». و في تفسير القمّي، ج 1، ص 78، من دون الإسناد إلى المعصوم عليه السلام، و تمام الرواية هكذا:« عدّة المتعة خمسة و أربعون يوماً» الوافي، ج 3، ص 1238، ح 23127؛ الوسائل، ج 21، ص 51، ح 26510؛ و ج 22، ص 277، ح 28584.