للتحميل: من هنا
تتمة الباب الثامن [باب تأكد استحباب[1] تقديم صلاة الجمعة والظهر في أول وقتها ، وجواز الاعتماد فيه على المؤذّنين ]
[ 9453 ] 5 – وعنه ، عن النضر ، عن ابن مسكان[2] (1) ، عن أبي عبدالله 7 قال : قال : وقت صلاة الجمعة عند الزوال ، ووقت العصر يوم الجمعة وقت صلاة الظهر في غير يوم الجمعة ، ويستحب التبكير[3] بها[4].
[ 9454 ] 6 – وعنه ، عن فضالة ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله 7 قال : لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة.
[ 9455 ] 7 – وعنه ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سألت أبا عبدالله 7 عن وقت الظهر؟ فقال : بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك[5] ، إلا يوم الجمعة أو في السفر ، فإن وقتها حين تزول الشمس[6].
[ 9456 ] 8 – وعنه ، عن حماد ، عن ربعي ، عن سماعة ، والحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال : وقت الظهر يوم الجمعة حين تزول الشمس.
[ 9457 ] 9 – وعنه ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، و (1) عن ابن أبي عمير ، وفضالة ، عن حسين ، عن ابن أبي عمير ، قال : حدثني أنه سأله عن الركعتين اللتين عند الزوال يوم الجمعة قال ، فقال : أما أنا فاذا زالت الشمس بدأت بالفريضة.
__________________
5 – التهذيب 3 : 13 | 43.
(1) في نسخة : ابن سنان – هامش المخطوط ـ.
6 – التهذيب 3 : 13 | 44 ، الاستبصار 1 : 412 | 1576.
7 – التهذيب 3 : 13 | 45 ، الاستبصار 1 : 412 | 1577 ، أورده بإسناد آخر في الحديث 11 من الباب 8 من أبواب المواقيت.
8 التهذيب 3 : 12 | 41.
9 – التهذيب 3 : 12 | 40 ، الاستبصار 1 : 412 | 1575 ، وأورده أيضاً في الحديث 2 من الباب 13 من هذه الأبواب.
(1) الواو هنا لم ترد في المصدرين.
[ 9458 ] 10 – وعنه ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الرحمان بن عجلان (1) قال : قال أبو جعفر 7 : إذا كنت شاكاً في الزوال فصل الركعتين ، فإذا استيقنت الزوال فصل الفريضة.
ورواه الكليني (2) عن جماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة عن (3) محمد بن سنان ، مثله.
[ 9459 ] 11 – محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحلبي ، عن أبي عبدالله 7 ، أنه قال : وقت الجمعة زوال الشمس ، ووقت صلاة الظهر في السفر زوال الشمس ، ووقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو من وقت الظهر في غير يوم الجمعة.
[ 9460 ] 12 – قال : وقال أبو جعفر 7 : وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس ، ووقتها في السفر والحضر واحد ، وهو من المضيق ، وصلاة العصر يوم الجمعة في وقت الأولى في سائر الأيام.
[ 9461 ] 13[7] – قال : وقال أبو جعفر 7 : أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة[8] فحافظ عليها ، فإن رسول الله 9 قال : لا يسأل اللهَ عبدٌ فيها خيراً إلا أعطاه.
[ 9462 ] 14 – محمد بن يعقوب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبدالله ، وعن محمد بن يحيى ،
__________________
10 – التهذيب 3 : 12 | 39 ، أورده عن السرائر في الحديث 1 من الباب 58 من أبواب المواقيت.
(1) في الكافي : عبدالله بن عجلان.
(2) الكافي 3 : 428 | 3.
(3) في نسخة : أو – هامش المخطوط ـ.
11 – الفقيه 1 : 269 | 1227.
12 – الفقيه 1 : 267 | 1220 ، أورده في الحديث 2 من الباب 4 من أبواب المواقيب.
13 – الفقيه 1 : 267 | 1223.
14 – الكافي 3 : 420 | 1.
عن محمّد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة جميعاً ، عن أبي عبدالله 7 قال : وقت الظهر يوم الجمعة حين تزول الشمس.
[ 9463 ] 15 – وعن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبدالله بن سنان قال : قال أبو عبدالله 7 : إذا زالت الشمس يوم الجمعة فابدأ بالمكتوبة.
[ 9464 ] 16 – وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن محمد بن أبي عمر (1) قال : سألت أبا عبدالله 7 عن الصلاة يوم الجمعة ، فقال : نزل بها جبرئيل مضيقة ، إذا زالت الشمس فصلها ، قال : قلت إذا زالت الشمس صليت ركعتين ثم صليتها ، فقال أبو عبدالله 7 : أما أنا فإذا زالت الشمس لم أبدأ بشيء قبل المكتوبة[9].
[ 9465 ] 17 – محمد بن الحسن في ( المصباح ) عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله 7 عن صلاة الجمعة؟ فقال : وقتها إذا زالت الشمس ، فصل ركعتين قبل الفريضة ، وإن أبطأْتَ حتى يدخل الوقت هُنيئة فابدأ بالفريضة ودع الركعتين حتى تصليهما بعد الفريضة.
[ 9466 ] 18 – وعن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سألت أبا عبدالله 7 عن وقت الصلاة فجعل لكل صلاة وقتين إلا الجمعة في السفر والحضر ، فإنه قال : وقتها إذا زالت الشمس ، وهي في ما سوى الجمعة ، لكل صلاة وقتان ، وقال : وإياك أن تصلي قبل الزوال ، فوالله ما أبالي بعد العصر صليتها أو قبل الزوال[10].
__________________
15 – الكافي 3 : 420 | 2.
16 – الكافي 3 : 420 | 4.
(1) في نسخة : عمير – هامش المخطوط – وهو في المصدر.
17 – مصباح المتهجد : 323 ، أورده في الحديث 6 من الباب 13 من هذه الأبواب.
18 – مصباح المتهجد : 324.
[ 9467 ] 19[11] – وعن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر 7 قال : أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة[12] تحافظ عليها ، فإن رسول الله 9 قال : لا يسأل الله عبد فيها خيراً إلا أعطاه الله.
[ 9468 ] 20 – وعن حريز قال : سمعته يقول : أما أنا إذا زالت الشمس يوم الجمعة بدأت بالفريضة وأخرت الركعتين إذا لم أكن صليتهما[13].
[ 9469 ] 21 – أحمد بن أبي عبدالله البرقي في ( المحاسن ) عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن عبدالله بن مسكان ، عن عبد الأعلى بن أعين ، (1) عن أبي عبدالله 7 – في حديث – قال : إن من الأشياء أشياء مضيقة ليس تجري إلا على وجه واحد ، منها وقت الجمعة ليس لوقتها إلا وقت واحد حين تزول الشمس[14].
أقول : وتقدم ما يدل على ذلك (2) ، ويأتي ما يدل عليه (3) ، وتقدم ما يدل على العمل بقول المؤذنين في المواقيت (4).
9 – باب استحباب تقديم العصر يوم الجمعة في أول الوقت بعد الفراغ من الجمعة أو الظهر
[ 9470 ] 1 – محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
__________________
19 – مصباح المتهجد : 324.
20 – مصباح المتهجد : 324 ، أورده في الحديث 7 من الباب 13 من هذه الأبواب.
21 – المحاسن : 299 | 4.
(1) في المصدر : قال سأل علي بن حنظلة أبا عبدالله.
(2) تقدم في الحديث 17 من الباب 8 من أبواب المواقيت.
(3) يأتي في البابين 11 و 13 من هذه الأبواب.
(4) تقدم في الباب 3 من أبواب الأذان ، وتقدم في الباب 59 من أبواب المواقيت.
الباب 9
فيه حديث واحد
1 – الكافي 3 : 420 | 3.
الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن سفيان بن السمط قال : سألت أبا عبدالله 7 عن وقت صلاة العصر يوم الجمعة؟ فقال : في مثل وقت الظهر في غير يوم الجمعة.
أقول : وتقدم ما يدل على ذلك في أحاديث كثيرة في الباب السابق وغيره (1).
10ـ باب جواز تأخير الظهرين يوم الجمعة عن أول الوقت
[ 9471 ] 1 – محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن عبدالله بن بكير ، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبدالله 7 في يوم جمعة وقد صليت الجمعة والعصر فوجدته قد باهى – يعني من الباه أي جامع – فخرج إلي في ملحفة ، ثم دعا جاريته فأمرها أن تضع له ماء يصبه عليه ، فقلت له : أصلحك الله ، ما اغتسلت ؟ فقال : ما اغتسلت بعد ولا صليت ، فقلت له : قد صليت[15] الظهر والعصر جميعا؟ قال : لا بأس.
أقول : حمله الشيخ على وجود العذر[16] ، ولا يخفى أن وجه ترك الإمام للجمعة كون إمامها مخالفاً فاسقاً ، وقد تقدم ما يدل على المقصود في المواقيت (1). [17]
__________________
(1) تقدم في الباب السابق من هذه الأبواب ، وفي الحديث 4 من الباب 9 من أبواب المواقيت.
الباب 10
فيه حديث واحد
1 – التهذيب 3 : 13 | 47 ، والاستبصار 1 : 412 | 1578.
(1) تقدم في الحديث 5 و 11 و 13 من الباب 3 ، وفي الباب 4 من أبواب المواقيت.
[1] الصحيح: باب وجوب المبادرة لإقامة صلاة الجمعة أول الوقت.
والقول باستحباب تقديمها أول الوقت خلاف الظاهر، بل صريح قوله ع في الحصر: ” فإن صلاة الجمعة من الأمر المضيَّق ، إنما لها وقت واحد حين تزول “، نفي السعة فيها وحالتي الاختيار والاضطرار من قسمي أوقات باقي الفرائض، وعليه فلا يجوز تأخيرها عن الزوال إلا بما اقتضته العادة دون إمهال.
[2] في الوافي وهامش الوسائل المخطوط: ” ابن سنان “.
ورواية النضر بن سويد عادة تكون بواسطة يحيى بن عمران الحلبي عن ابن مسكان، وندر أن يروي بلا واسطة عن ابن مسكان، وإن صح -في المختار- العنعة عن الشخص إذا روى عن كتابه، ولا بأس بها إن كانت عن الثقة.
لكن الأقوى أن السند برواية النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان، لكثرة روايته عنه، خاصة أخبار فضل الجمعة ومستحباتها، قال النجاشي في فهرسته في عبد الله بن سنان: ” له كتاب الصلاة الذي يعرف بعمل يوم و ليلة و كتاب الصلاة الكبير و كتاب في سائر الأبواب من الحلال و الحرام. روى هذه الكتب عنه جماعات من أصحابنا لعظمه في الطائفة و ثقته و جلالته “.
[3] في الوسائل المطبوع ( ط آل البيت ): ” التكبير “، وفي التهذيب: ” التبكير “.
[4] التبكير بالشيء فعله في أول أوقاته، ولم أقف على من رواها بزيادة: ” ويستحب التبكير بها ” غير الشيخ في التهذيب.
والمعنى مردد بين التبكير بنفس صلاة الجمعة، أو صلاة العصر، أو الخروج للمسجد انتظارا لها كما عن المجلسي في ملاذ الأخيار في شرح الاستبصار، والروايات الآمرة بإقامتها حين تزول الشمس والسنة عليها أصرح وعلى الوجوب أدل.
ويؤيد أن المراد بالتبكير بها هو الخروج للمسجد وانتظارها ما رواه الكليني في الكافي في باب نوادر الجمعة قال: ” أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُبَكِّرُ إِلَى الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ تَكُونُ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ، فَإِذَا كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ، يَكُونُ قَبْلَ ذلِكَ، وَ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ لِجُمَعِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلى جُمَعِ سَائِرِ الشُّهُورِ فَضْلًا ، كَفَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلى سَائِرِ الشُّهُورِ».
[5] أي نحو قدم من الشاخص وهو ذراع، أي نصف ذراع؛ والمراد تقريب وقت الظهر بعد وقت نوافلها، وتقدم أن الحكم طريقي لا تعبدي بالقدم والقدمين؛ لاختلاف الأخبار في التحديد وعدم انضباطه في الفصول والأماكن، ومنها هذه الصحيحة الصريحة في التسامح فيه، فيظهر أن المراد هو ما يسع المكلف أن يؤدي سبحته من الصلاة كما في تعبير الرواية، وحدها مع الإمهال هو هذا المقدار بالتقريب.
[6] لسقوط النوافل، فلا يراعى الإمهال.
[7] هو الحديث 19 الآتي.
[8] المراد من الساعة هنا مبهم بمعنى القطعة والمهلة من الزمان الذي يتوانى فيه؛ والظاهر منه إرادة مضي زمان إقامة الجمعة، لا الساعة بالدقائق أو بالفلك الشمسي المضبوط، وهذا استعمال شائع.
[9] رواه الكليني، قال: ” مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ: «نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُضَيَّقَةً، إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّهَا». قَالَ: قُلْتُ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّيْتُهَا. فَقَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَمَّا أَنَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، لَمْ أَبْدَأْ بِشَيْءٍ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ». قَالَ الْقَاسِمُ: وَ كَانَ ابْنُ بُكَيْرٍ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَ هُوَ شَاكٌّ فِي الزَّوَالِ، فَإِذَا اسْتَيْقَنَ الزَّوَالَ، بَدَأَ بِالْمَكْتُوبَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ”.
وفي الوسائل: ” محمد بن أبي عمر “، قال الشيخ في رجاله: ” محمد بن أبي عمر البزاز: بياع السابري يروي عنه الحسن بن محمد بن سماعة “.
لكنه إسناد نادر ويحتمل فيه الوهم، كما وقع الوهم من النساخ في ضبطه بابن أبي عمير.
قال المجلسي في مرآة العقول: ” قال الفاضل الأسترآبادي: عن محمد بن أبي عمير كأنه سهو من قلم نساخ و الأصل عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، و المشهور بين الأصحاب أن أول وقت صلاة الجمعة زوال الشمس “.
ويؤيده أن آخر الخبر تضمن حكاية ما كان يفعله ابن بكير، وفي معرفة رجال الكشي ما يتفق مفاده ويدل على أن الراوي هو ابن بكير، قال: ” حَدَّثَنِي حَمْدَوَيْهِ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: دَخَلَ زُرَارَةُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ إِنَّكُمْ قُلْتُمْ لَنَا فِي الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ عَلَى ذِرَاعٍ وَ ذِرَاعَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُمْ أَبْرِدُوا بِهَا فِي الصَّيْفِ، فَكَيْفَ الْإِبْرَادُ بِهَا وَ فَتَحَ أَلْوَاحَهُ لِيَكْتُبَ مَا يَقُولُ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) بِشَيْءٍ، فَأَطْبَقَ أَلْوَاحَهُ فَقَالَ إِنَّمَا عَلَيْنَا أَنْ نَسْأَلَكُمْ وَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِمَا عَلَيْكُمْ، وَ خَرَجَ وَ دَخَلَ أَبُو بَصِيرٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) فَقَالَ إِنَّ زُرَارَةَ سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ أُجِبْهُ، وَ قَدْ ضِقْتُ فَاذْهَبْ أَنْتَ رَسُولِي إِلَيْهِ، فَقُلْ صَلِّ الظُّهْرَ فِي الصَّيْفِ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَكَ وَ الْعَصْرَ إِذَا كَانَ مِثْلَيْكَ، وَ كَانَ زُرَارَةُ هَكَذَا يُصَلِّي فِي الصَّيْفِ، وَ لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِنَا يَفْعَلُ ذَلِكَ غَيْرَهُ وَ غَيْرَ ابْنِ بُكَيْرٍ”، وكذا رواية البرقي في المحاسن والكافي عن أبيه عن ابن عروة عن ابن بكير، وتكرر رواية ابن عروة عن ابن بكير في غير كتاب.
[10] قوله: ” وإياك أن تصلي قبل الزوال “، في قبال قوله: “وقتها إذا زالت الشمس”، ثم قوله: ” فوالله ما أبالي بعد العصر صليتها أو قبل الزوال “، أي لا أبالي في الحكم ببطلانها على سواء في هذين الوقتين، بل لابد أن تكون بين الزوال والعصر، وفيها دلالة على تضيق وقت الجمعة وعدم امتداده.
[11] تقدم تحت رقم 13.
[12] المراد من الساعة هنا مبهم بمعنى القطعة والمهلة من الزمان الذي يتوانى فيه؛ والظاهر منه إرادة مضي زمان إقامة الجمعة، لا الساعة بالدقائق أو بالفلك الشمسي المضبوط، وهذا استعمال شائع.
[13] نحوه الحديث 16.
[14] صورة الرواية في المحاسن: ” 4 عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ حَنْظَلَةَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ مَسْأَلَةٍ وَ أَنَا حَاضِرٌ فَأَجَابَهُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ فَإِنْ كَانَ كَذَا وَ كَذَا فَأَجَابَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ حَتَّى أَجَابَهُ بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَنْظَلَةَ يَا بَا مُحَمَّدٍ هَذَا بَابٌ قَدْ أَحْكَمْنَاهُ فَسَمِعَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ لَا تَقُلْ هَكَذَا يَا أَبَا الْحَسَنِ فَإِنَّكَ رَجُلٌ وَرِعٌ إِنَّ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَشْيَاءَ مُضَيَّقَةً لَيْسَ يَجْرِي إِلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَقْتُ الْجُمُعَةِ لَيْسَ وَقْتَهَا إِلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَشْيَاءُ مُوَسَّعَةٌ تَجْرِي عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَ هَذَا مِنْهَا وَ اللَّهِ إِنَّ لَهُ عِنْدِي لَسَبْعِينَ وَجْها “.
قال المجلسي في البحار: ” بيان لعل ذكر وقت الجمعة على سبيل التمثيل و الغرض بيان أنه لا ينبغي مقايسة بعض الأمور ببعض في الحكم فكثيرا ما يختلف الحكم في الموارد الخاصة و قد يكون في شيء واحد سبعون حكما بحسب الفروض المختلفة “.
[15] في التهذيب: ” قد صلينا “.
[16] قال في التهذيب : ” لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ عَنْ وَقْتِ زَوَالِ الشَّمْسِ إِذَا كَانَ عُذْرٌ وَ إِنَّمَا أَوْجَبْنَا ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ “.
[17] الرواية لا يمكن الاعتماد عليها لإثبات الجواز أو غيره، ويقوى عندي أن يكون راويها هذا هو أبو بصير المرادي المتهم بالوقف وسوء الأدب، وما تفرد به لا يعبء به إلا مع القرينة، وتصويرها لحال الإمام لا يخفى عدم لياقته.
وهذا الحديث تفرد به الشيخ من كتاب الحسين بن سعيد، وأهمله الكليني والصدوق ولم يروه الأشعري في نوادره مع أنه كثير الاشتراك مع الحسين بن سعيد في الرواية حنى نسب كتاب النوادر للحسين بن سعيد.
نعم هو قريب مما رواه الشيخ في التهذيب في باب المواقيت ح34 بسنده عن الحسن بن محمد بن سماعة َ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: ” رُبَّمَا دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ قَدْ صَلَّيْتُ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ، فَيَقُولُ: صَلَّيْتَ الظُّهْرَ ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ وَ الْعَصْرَ، فَيَقُولُ: مَا صَلَّيْتُ الظُّهْرَ، فَيَقُومُ مُتَرَسِّلًا غَيْرَ مُسْتَعْجِلٍ فَيَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ، وَ رُبَّمَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ لَمْ أُصَلِّ الظُّهْرَ، فَيَقُولُ: قَدْ صَلَّيْتَ الظُّهْرَ ؟ فَأَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: قَدْ صَلَّيْتُ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ “، واستدل به على جواز الترسل في المبادرة للمعذور لطول وقت الفريضة.
ولو قدر للرواية أبي بصير وجه صحيح، فيكون ترك الجمعة للعذر.
أو لابد من حمل قوله: ” في يوم جمعة وقد صليت الجمعة والعصر ” على صلاة الظهر يوم الجمعة ، ويؤيده بل يعينه أنه سأل الإمام عليه السلام عن الجمع بين صلاة الظهر والعصر قوله: ” فقلت له : قد صلينا الظهر والعصر جميعا ، قال: لا بأس “، وفي الاستبصار: ” فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ صَلَّيْتُ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ جَمِيعاً ، قَالَ: لَا بَأْس “، بنسبة الفعل للقائل وهو أبو بصير، لا للإمام، ومع تعارض النقلين مع عدم المرجح العلمي لأحدهما فلا شك في عدم جواز التمسك بالدليل وتقديم ما هو أصرح منه عليه.
فتحصل: أن الخبر يدل على جواز الاسترسال للمعذور في أداء الصلاة الموسع وقتها، بلا إهمال ولا تفريط فيها.
وتبين أن الأقوى كونها أجنبية عن حكم صلاة الجمعة؛ فلا تدل على أن الإمام عليه السلام لم يأت صلاة الجمعة مع أن الأخبار الأخرى تدل على اهتمامه بحضورها وانفراده بالقراءة لنفسه خلف أولئك أو صلاته في بيته ثم خروجه لها، وكذا لا تدل على جواز تأخير الظهرين عن أول وقتهما بمعنى يختص به يوم الجمعة دون غيره من الأيام.
[ مختصر في أبي بصير الأصغر ليث بن البختري المرادي ]
أما أبو بصير المرادي، فقد روى وفاة الكاظم عليه السلام؛ فكل رواية متأخرة عن الصادق عليه السلام وبأكثر من سنتين من إمامة الكاظم عليه السلام فلا يرويها الأسدي لأنه توفي سنة مائة وخمسين بعد الصادق عليه السلام بسنتين.
ففي الكافي عن سعد بن عبد الله و عبد الله بن جعفر جميعا ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قبض موسى بن جعفر عليهما السلام وهو ابن أربع وخمسين سنة في عام ثلاث وثمانين ومائة، وعاش بعد جعفر عليه السلام خمسا وثلاثين سنة.
وما روي عمن عرف بأبي بصير يفوق ما رواه محمد بن مسلم وزاراة معا، وبلغ ما يربو عن الثلاثة آلاف حديث، جمعها بعض المعاصرين في مسند مستقل.
والمشهور أن أبا بصير سواء كان الأسدي أو المرادي ثقتان، وخالف جماعة فتوقفوا في رواية المرادي، وآخرون أقل منهم نسبوا الضعف للأسدي.
والصحيح الذي يقتضيه التتبع أن للتفريق في أخبار المرادي في الأحكام وغيرها وجه قوي، كما أن ضبط المرادي للرواية ليس على سواء مع الأسدي، ورواية الضعاف عن المرادي كثيرة.
فعن ابن الغضائري:
” ليث بن البختري المرادي: أبو بصير يكنى أبا محمد، كان أبو عبد الله ع يتضجر به و يتبرم، و أصحابه مختلفون في شأنه، و عندي أن الطعن إنما وقع على دينه لا على حديثه و هو عندي ثقة”.
وقال النجاشي في المرادي:
“ليث بن البختري المرادي:
أبو محمد، و قيل أبو بصير الأصغر، روى عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام. له كتاب يرويه جماعة منهم أبو جميلة المفضل بن صالح أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي القزويني قال: حدثنا علي بن حاتم بن أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا ابن فضال عن أبي جميلة عنه به”.
وحال أبو جميلة المفضل بن صالح النخاس في الضعف مشهور ورواية كتابه عن ابن فضال الذي ندر أن يروي عن ضعيف لا تنفع إلا إذا علم أنه استند إليه في الرواية واعتمدها لا أنها مجرد رواية كتاب، و في كتاب الغضائري المنسوب إليه: ” ضعيف كذاب يضع الحديث. حدثنا أحمد بن عبد الواحد قال: حدثنا علي بن محمد بن الزبير قال حدثنا علي بن الحسن بن فضال قال: (سمعت معاوية بن حكيم يقول:) سمعت أبا جميلة يقول: أنا وضعت رسالة معاوية إلى محمد بن أبي بكر. و قد روى مفضل عن أبي عبد الله و أبي الحسن عليهما السلام”.
ومن الأخبار التي رواها المفضل عن أبي بصير المرادي، ما رواه الشيخ في التهذيب بسنده عن مُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ” لَا بَأْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُتِمَّ السَّفَرَ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ “.
وأهمل الشيخ توثيقه في الفهرست والرجال، قال:
“ليث المرادي: يكنى أبا بصير. روى عن أبي عبد الله و أبي الحسن موسى عليهما السلام. له كتاب”.
وقال في الرجال في ثلاث مواضع:
” ليث بن البختري المرادي: يكنى أبا بصير كوفي “.
” الليث بن البختري المرادي: أبو يحيى [و] يكنى أبا بصير، أسند عنه “.
” ليث المرادي: يكنى أبا بصير”.
وروى الكشي في المرادي: عن محمد بن مسعود قال: حدثني علي بن محمد القمي عن محمد بن أحمد عن أحمد بن الحسن، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي جعفر ع فقلت: تقدرون أن تحيوا الموتى و تبرءوا الأكمه و الأبرص؟ فقال لي: بإذن الله، ثم قال: ادن مني و مسح على وجهي و على عيني فأبصرت السماء و الأرض و البيوت فقال لي: أ تحب أن تكون كذا و لك ما للناس و عليك ما عليهم يوم القيامة أم تعود كما كنت و لك الجنة الخالص؟ قلت أعود كما كنت فمسح على عيني فعدت.
ورواه الكليني رحمه الله عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قريبا منه، وزاد عليه:
“قَالَ : فَحَدَّثْتُ ابْنَ أَبِي عُمَيْرٍ بِهذَا، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ هذَا حَقٌّ كَمَا أَنَّ النَّهَارَ حَقٌّ”[17].
والسند صحيح، وكذا رواه الصفار عن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، مثله.
وحملها الخوئي في المعجم على أبي بصير الأسدي الكفيف، وقال أن أبا بصير المرادي لم يدل شيء على أنه كفيف!، وهو غريب منه جدا؛ فإن كنيته لا تستعمل إلا في الضرير، بل لم يذكر أحد أنه ليس ضريرا اتكالا على وضوح المعنى.
واختار الداماد في تعليقته على الكشي أن تكون الواقعة قد حصلت للأسدي مرة والمرادى مرة ثانية، وهي دعوى خالية عن الدليل.
ومن الواضح أنه لم يثبت توثيق صريح للمرادي، وأن النجاشي والشيخ ظاهرهما التوقف فيه ، بل الخدشة في دينه من الغضائري واختلاف أصحابه فيه تجعله في مرتبة دانية من الاعتماد على أخباره.
وتمام الكلام استقصيناه في بحث النكاح، ثم أفردنا له رسالة مستقلة.